على عكس ما طلبه الجنرال عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري الحالي، أكدت هيئة كبار علماء الأزهر إقرار الطلاق الشفهي الذي سيكون قد استوفى جميع شروطه وأركانه، وذلك دون اشتراط توثيق أو حتى إشهاد، معتبرة أن هذا هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الهيئة وفي بيان صادر عنها يوم الأحد، أكدت أن هذا هو ما وصلت إليه بعد اجتماع مع العديد من العلماء من مختلف المذاهب تم عقده من أجل مناقشة العديد من القضايا الاجتماعية المعاصرة ومن بينها حكم الطلاق الشفهي والأثر المترتب عنه شرعا.
البيان الذي اعتبر مفاجئا، خصوصا أن الأزهر مسيطر عليه بشكل شبه تام من طرف نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي، حيث يعتبره النظام العسكري في مصر هو المرجع الإسلامي للسيسي أمام الجماهير المصرية، ليكون بذلك بمثابة تحد واضح للسيسي قد يؤدي إلى ما قد يكون صداما بين السيسي وشيخ الأزهر.
وكان السيسي قد طالب من أحمد الطيب شيخ الأزهر أن يكون هنالك “تخريج ديني” لمسألة الطلاق الشفهي، قائلا أن إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والمحاسبات والإحصاء، تقوم أن 40 بالمائة من الأزواج يتطلقون في السنة الأولى للزواج مدعيا :” هذا القانون، إعطاء الناس فرصة لمراجعة نفسها بدلا من أن يتم الطلاق بكلمة من الرجل”، ليستدرك بعدها مباشرة موجها كلامه لشيخ الأزهر :” ولا إيه يا فضيلة الإمام؟، تعبتني يا فضيلة الإمام”.
وقال الهيئة في بيانه :” الإجتماع خلص بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم إلى وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية، وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وحتى يوم الناس هذا، دون اشتراط إشهاد أو توثيق”، مضيفة في الرد على استشهاد الرئيس المصري بالإحصائات :” ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعنيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، أرقام الطلاق المعلن عنها حالات مثبتة وموثقة سلفا إما لدى المأذون أو أمام القاضي، وإن العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب، وحمايتهم من المخدرات بكل أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجاد، والدعوة الدينية الجادة المبنية على تدريب الدعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة، وعظم شأنها في الإسلام”.
كما ردت الهيئة على عدد من الدعاة والمشايخ الموالين للسيسي والذي تبنوا هذه الدعوات من أبرزهم خالد الجندي حيث قال البيان :” نناشد جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذر من الفتاوى الشاذة التي ينادي بها البعض، حتى لو كان بعضهم من المنتسبين للأزهر؛ لأن الأخذ بهذه الفتاوى الشاذة يوقع المسلمين في الحرمة”، مضيفة :” على من “يتساهلون” في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء، وما استقر عليه المسلمون، أن يؤدوا الأمانة في تبليغ أحكام الشريعة على وجهها الصحيح، وأن يصرفوا جهودهم إلى ما ينفع الناس، ويسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع”، حيث تابعت فيما يعتبر “إفحاما للسيسي” بسبب الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد :” ليس الناس الآن في حاجة إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم بحاجة إلى البحث عن وسائل تيسر سبل العيش الكريم”.