بعد الغزوات الاقتصادية التي قام بها الملك محمد السادس لبعض الدول الإفريقية والتي كانت إلا وقت غير بعيد تحت استعمار الاقتصاد الفرنسي جاء الدور على الدول التي تعيش تحت الاستعمار الاقتصادي لبريطانيا وجنوب افريقيا فالزيارة التي قام بها الملك محمد السادس لثلاث دول تقع في شرق إفريقيا وهي تنزانيا وروندا وإثيوبيا والتي تعتبر الأولى من نوعها لها دلالات عديدة منها أن المغرب استطاع الاَن اختراق جبهة كانت موصدة أمامه وهي إفريقيا الشرقية وان المغرب اصبح رقما صعبا في لعبة المتاهة في الحديقة الخلفية للقِوَى الاقتصادية العالمية. وعرفت هذه الغزوة الجديدة التوقيع على 22 اتفاقية مع كل دولة وإطلاق مشاريع تعاون تهم التنمية البشرية وتبادل الخبرات وتعزيز الشراكة الاقتصادية مع هذه الدول. وتعد هذه الزيارة بمثابة إعلان لنجاح نهج ملك المغرب مع الدول الإفريقية لإعطاء مبدأ تعاون جنوب – جنوب مصداقية أكبر وقد حققت هذه الغزوة نتائجها الكبرى في تعزيز الامتداد الجيواستراتيجي للمغرب في العمق الإفريقي. ومواصلة تنزيل المقاربة المغربية في إفريقيا القائمة على التنمية والتنافسية عكس المقاربة الجزائرية التي تعتمد على فلسفلة المال يجلب الاتباع وعلى مبدأ يد الفقير هي السفلى .لأن إفريقيا تحتاج إلى التنمية ولا تحتاج إلى المساعدات.
الدول الإفريقية لم تعد كما كنا نعرفها دول مرتبطة بالفقر والمجاعة ولا استقرار بل أصبحت واعدة وسائرة في طريق التنمية نظرا للثروات الطبيعية التي تحوزها و بعض الدول أصبحت تحقق نسب نمو مهمة والمغرب يريد أن يكون حاضرا في تحويل الأموال عن طريق الاستثمارات إلى إفريقيا. ان الإستراتيجية الجديدة للملك تهدف إلى تقوية فرص تعاون المغرب مع فضائه الإفريقي وهذا ما أكدته هذه الزيارات و تعد امتدادا لزيارات سابقة لدول اخرى و خطا خلالها المغرب خطوات هامة في تقوية فرص التعاون مع فضائه الإفريقي حيث تحتضن عدد من الدول الإفريقية استثمارات مغربية مهمة .
المقاربة الجزائرية لن تصمد طويلا أمام المقاربة المغربية لأن الجزائر اختارت ان تبتعد عن عمقها الافريقي وتتجه نحو الخليج او كما أسماها الخبراء الاقتصاديين ان الجزائر تتشبث بمجموعة من الغرقى (تشبث غريق بغريق ) لان دول الخليج هي مثل الجزائر تعتمد بشكل كبير على إيرادات البترول لدعم ميزانيتها وستواجه جملة من المشكلات والتحديات المهمة والحساسة بسبب اسعار النفط فقد ألقت هذه الأزمة بظلالها على اقتصادات هذه الدول التي تضررت كثيرا جراء انخفاض أسعار النفط وشح السيولة المالية التي دفعت بعض الحكومات الخليجية الى اعتماد خطط واجراءات اصلاحية منها تقليص الإنفاق واتخاذ إجراءات تقشفية وتقليص الدعم وغيرها من الاجراءات التي قد تسهم وبحسب بعض المراقبين بخلق اضطرابات ومشكلات جديدة في هذه البلدان التي لن تصمد طويلاً في وجه عاصفة تراجع أسعار النفط العالمية يضاف اليها التكاليف والنفقات الاخرى بسبب الحروب والأزمات السياسية . لذلك فزيارة سلال الى دول الخليج تعتبر رهان على حصان خاسر.
رهان المغرب على الاستثمار في القضايا التنموية في إفريقيا يميز طبيعة الشراكة والتعاون المثمر مع هذه القارة فهو يرتكز على التنمية المستدامة والتعاون البعيد عن الحسابات السياسية الضيقة وإستراتيجية المغرب تحقق أهدافا تنموية واقتصادية لصالح الجميع. وبلغ حجم الاستثمارات المغربية في إفريقيا تطورا كبيرا خلال السنوات العشر الماضية جعلت من المغرب ثاني بلد إفريقي مستثمر في إفريقيا بقيمة استثمارات تتجاوز 800 مليون دولار وتتنوع الاستثمارات لتشمل الاتصالات و الأبناك و التأمين و البنيات التحتية والفلاحة و النقل الجوي والكهرباء والمعادن الصحة والصيدلة الصناعة والإسمنت والتجارة.
رغم الارقام التي ذكرها الاعلام على ان مليارات الدولارات من اموال الخليج ستدخل الجزائر تبقى حبرا على ورق فالسعودية اعطت مصر 20 مليار دولار بضمانات دولية ومع ازمة بين بلدين استرجعت السعودية اموالها الخليجيون لا يعرفون مبدأ الاستثمار يعرفون مبدأ واحد الاستعباد.