بعد انتشار الأخبار عن الانتهاكات والتعذيب عقب جلسات الاستماع التي تقوم بعقدها هيئة الحقيقة والكرامة لضحايا انتهاك حقوق الإنسان خلال عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، خرج هذا الأخير للرد عن نفسه معتبرا أنه وخلال العقود التي كان فيه على رأس تونس، عمل على حماية البلاد ونهج جميع السبل المتاحة لتحقيق العيش الكريم للتونسيين والتونسيات.
بن علي وفي أول بيان رسمي له عقب فراره من البلاد بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، اتهم هيئة الحقيقة والكرامة لضحايا انتهاك حقوق الإنسان بطمس الحقيقة وتقديم أنصافها من أجل الدفع نحو التونسيين بالتفرقة وتأليب البعض منهم على البعض الآخر.
وابدى المخلوع مخاوفه من أن تلهي هذه التحقيقات التي خرجت مؤخرا عن التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد والتي تعتبر هي المشاكل الحقيقية التي يواجهها المواطن التونسي والتي هي الإرهاب بأنواعه والأزمة الاقتصادية الخانقة.
وكان ضحايا حكم بن علي قد سردوا في الأيام الماضية قصص الانتهاكات الجسيمة والتعذيب الذين تعرضوا له في جلسات علنية تاريخية، ما اعتبرتها العديد من الأطراف السياسية إحدى أهم الخطوات في سبيل تحقيق العدالة الانتقالية، بعد مرور سنوات على مرور ثورة الياسمين، التي أطاحت بحكم آل بن علي وآل طرابلسي
واعتبرت سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة والتي تقوم بالإشراف على مسار العدالة الإنتقالية في تصريح لها أن ما يتم تحقيقه هو حدث تاريخي بجميع المقاييس، حيث أضافت :” الجلسات تشكل حدثا تاريخيا مهما لكل التونسيين، وستدرس للأحفاد والأجيال اللاحقة، وستعزز صورة تونس في العالم كنموذج للتسامح”، وهو ما دفع بن علي إلى إعلان تعاطفه مع التونسيين والذين قاموا بتقديم شهاداتهم، لكن استدرك قائلا :” من الواجب التذكير بأن البلاد مرّت خلال فترة حكمنا بمراحل دقيقة، واجهت خلالها الدولة تحديات أمنية ومخاطر حقيقية لم تصطنعها أو تضخم أو تبالغ فيها”، مضيفا :” الأجهزة الأمنية التونسية واجهت أجنحة سرية وعسكرية لتنظيمات حزبية تدعي العمل في العلن، وأخرى سياسية تعمل خارج الشرعية والقانون، وتمارس العنف وتحرّض عليه”، لكنه اعترف بأنه تمت هنالك العديد من التجاوزات التي تمس حقوق الإنسان، وأنه حرص على هذه التحقيقات، وكلف في وقت سابق الرشيد إدريس للنظر في هذه التجاوزت فور علمه بها.
وأضاف البيان :” أمرنا بنشر كافة تفاصيل تقرير اللجنة بصحيفة الصباح؛ حتى نقطع الطريق أمام من كان يتهمنا آنذاك بالتعتيم. وسجل التقرير صحة الانتهاكات، وحدد المسؤوليات، وأذنا نحن بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية”.
وأكد بن علي أن نظامه لم يكن خاليا من الأخطاء رغم العديد من إيجابياته مثل أية دولة أخرى عاشت في كل زمان ومكان، معتبرا أن تقديم الرواية من طرف واحد، يهدف إلى طمس الحقائق والتي من شأنها ابراز جوانب أخرى لا يعلمها الرأي العام.