في خروج إعلامي /تحليلي له، قال الفيلسوف والأستاذ الجامعي الامريكي فرانسيس فوكوياما ان الفوز الذي حققه المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الامريكية التي اجريت مؤخرا سيكون نقطة تحول حقيقية للنظام العالمي بشكل واسع.
فوكوياما و في مقال جديد لن تم نشره على صحيفة “ذي فاينانشال تايمز افاد بالقول :”تشكل الهزيمة الانتخابية المذهلة التي ألحقها دونالد ترامب بمنافسته هيلاري كلينتون نقطة تحول مفصلية، ليس فقط بالنسبة للسياسة الأمريكية بل وللنظام العالمي بأسره، وصول ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية يدشن عصرا جديدا من القومية الشعبوية، يتعرض فيها النظام اللبيرالي الذي أخذ في التشكل منذ خمسينيات القرن العشرين للهجوم من قبل الأغلبيات الديمقراطية الغاضبة والمفعمة بالطاقة والحيوية.
الفيلسوف الامريكي الشهير صاحب كتاب “نهاية التاريخ” والذي قال فيه ان الديمقراطية اللبرالية هي آخر مراحل التطور البشري، حذّر في مقاله من ما اسماه ” انزلاق العالم نحو خندق القوميات التي تعيش في تنتقد وتضاد في نفس الوقت، لأنه وحسب فوكوياما في حالة حصول ذلك، سيكون العالم امام لحظة تاريخية حاسمة شبيهة بتلك التي عاشها عند سقوط سُوَر برلين الفاصل بين ألمانيا الغربية وشقيقتها الشرقية سنة 1989، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي الذي كان يدور في فلكه.
واعتبر فوكوياما ان الوعود تأتي قطعها ترتمي على نفسه بإعادة الولايات المتحدة الامريكية الى مكانتها الحقيقية هو ما دفع العمال المنضمين للنقابات يصوتون له، بِعد ان عانوا من العديد من الضربات الموجعة بسبب تراجع المشاريع الصناعية، مقارنا ما حدث بالتصويت الذي حصل مؤخرا بين البريطانيين والذين اختاروا الخروج من الاتحاد الاوروبي.
الخبير الامريكي استدرك تحليله بالحديث عن ظاهرة الشعبوية القومية والتي توسعت كثيرا حيث قال :” على سبيل المثال فلاديمير بوتين، الذي ما يزال فاقدا للشعبية في أوساط الناخبين المثقفين في المدن الكبيرة مثل سانت بيترزبيرغ وموسكو، ولكنه يتمتع بقاعدة شعبية عريضة وضخمة في باقي أرجاء البلاد. ونفس الشيء ينطبق على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يحظى بدعم قاعدة شعبية واسعة في أوساط الطبقة المتوسطة الدنيا المحافظة، وينسحب نفس الأمر على رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يحظى بالشعبية في كل مكان إلا في العاصمة بودابيست”.
أوضح الفيلسوف الأمريكي أن النظام العالمي الليبرالي هو “نظام التجارة والاستثمار الدولي الذي يقوم على مجموعة من القواعد والنظم والذي ما فتئ يغذي النمو العالمي خلال السنوات الأخيرة”.
فوكوياما أضاف في مقاله بعضا من أفكاره التي يؤمن بها بشكل قاطع، حيث اعبر ان النظام العالمي الليبرالي والذي هو التجارة والاستثمار الدولي القائم على عدد من القواعد والنظم هو اهم مغذي للنمو العالمي خلال السنوات الاخيرة مضيفا :” فوائد هذا النظام لم ترشح لتصل إلى كل الناس، “فالطبقات العاملة في البلدان المتقدمة شهدت اختفاء الوظائف وفرص العمل بسبب نزوع الشركات نحو الاستعانة بالعمالة في أماكن أخرى واللجوء إلى أساليب ترشيد الإنفاق وزيادة الكفاءة في الإنتاج استجابة للتنافس المحموم الذي لا يرحم في السوق العالمية”٠