مع مرور كل يوم، تزداد الوضعية في اقليم كاتالونيا اضطرابا، بسبب تمسك الساكنة بالانفصال عن الإدارة المركزية بالعاصمة الاسبانية مدريد، وهو ما قد يهدد فكرة الاتحاد الأوروبي برمته.
وقالت صحيفة “لافانغوارديا” الاسبانية في تقرير لها حول الموضوع نفسه :”الوضع الحالي لإسبانيا يجعل النزعة الانفصالية في كتالونيا مختلفة تماما عن استقلال دول الاتحاد السوفيتي أو يوغوسلافيا، التي حظيت بدعم دولي وأوروبي”، مذكرة :” المنظمات الدولية الكبرى والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا قد ساندت الدول التي أرادت نيل استقلالها عن الاتحاد السوفيتي واعترفت بها، لأن ذلك كان ضمن مخطط إضعاف منافسها خلال الحرب الباردة. من هذا المنطلق، يبدو جليا أن الظروف التي ساعدت دول أوروبا الشرقية على الاستقلال تختلف تماما عن وضعية إسبانيا في الوقت الراهن باعتبارها حليفة وجزأ من تحالفات الدول الغربية”.
وتابعت المصادر ذاتها :” الدعم المتواضع الذي تلقاه استقلال كتالونيا في الخارج، كانت له نتائج وخيمة لأنه يؤكد وجود صدع في صلب الاتحاد الأوروبي. في الحقيقة، يزداد تصدع الاتحاد الأوروبي يوما بعد يوم، على عكس ما صرح به رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، منذ خمسة أسابيع الذي ادعى أن الوضع في تحسن”، موضحة :” ألمانيا، التي تعتبر قاطرة أوروبا، أصبحت تعاني من مشاكل داخلية، وربما سيكون لنتائج الانتخابات الأخيرة تأثير على سياستها الخارجية. وفي ظل هذا الوضع، من المرجح أن يؤثر ذلك على التحالفات الخارجية لألمانيا وخاصة التحالف الفرنسي الألماني، الذي سينجر عن اختلاله عواقب وخيمة على دول الاتحاد”.
وواصلت الصحيفة ذاتها :” المشاكل المعقدة التي يطرحها انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بدأت تزداد الخلافات بين دول شرق أوروبا وغربها. فنتائج الانتخابات الأخيرة في كل من النمسا وتشيكيا أعطت الكتلة الشرقية الأوروبية قوة أكبر. في المقابل، تمكن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من إحداث تصدع في هذه الكتلة من خلال قضية العمال المهاجرين، وذلك بإقناع رومانيا وبلغاريا بالتصويت لصالح المقترح الفرنسي على الرغم من أنه لا يتماشى مع مصالح دول أوروبا الشرقية فيما يتعلق بالهجرة”، مشيرة :” التناقضات بين مصالح دول شمال أوروبا وجنوبها مازالت متواصلة وتمثل بدورها شرخا آخر داخل الاتحاد الأوروبي. فاليونان تعاني من الإفلاس، وربما ستلتحق بها إيطاليا. وفي خضم هذه الظروف، تنفجر قضية كتالونيا لتحيي مرة أخرى هاجس الاستقلال في شمال إيطاليا، واسكتلندا وفي دول البلقان”.
وختم التقرير الاسباني بالتساؤل عن أسباب انفصال كاتالونيا إذ نقلت عن ناتاشا بولوني،المحللة الفرنسية قولها :” إسبانيا مثل بقية جيرانها في أوروبا، رفضت أن توفر لمواطنيها أفقا ديمقراطيا موحدا وفرضت نظام العولمة بكل ما له من تأثيرات اقتصادية وإنسانية”. لذلك، لا ينبغي لنا أن نتعجب من الذين يحلمون بالعيش ضمن أفق الديمقراطية، حتى لو كلفهم ذلك البدء من الصفر”.