ان الظلم والحغرة والتهميش والاضطهاد الذي عاشه الشعب الجزائري ايام الاستعمار ومازال يعيشه ليومنا هذا و مع استمراره لعقود دون أن يتم التوصل لحلول جذرية له والاكتفاء بفرض الأمر الواقع على الشعب الجزائري وتجاهل مطالبه واستخدام القبضة الأمنية يعني القمع الأمني الذي تمارسه السلطات الدكتاتورية المستبدة على شعب الجزائري والتي تظن أنه سيلجمها للأبد عن المطالبة المشروعة بحقوقه يؤدي إلى غليان ثم انفجارات لا يحمد عقباها.
ولأن المثقفون هم الشريحة الأكثر وعياً في مجتمعنا البسيط الذي غالباً ما يبحث فقط عن بدائيات مقومات الحياة من مأمن ومأكل ومشرب وملبس ومسكن و لذلك يقع الحمل الأكبر على عاتق المثقفين والذي يفضي بدوره إلى بحثهم الدؤوب عن آلية لتخيف هذا الحمل ولن يتحقق حلم التخيف هذا إلا بالخلاص من الواقع المزري المعاش فتثور أفكار المثقفون وعقولهم يتمخض عن ذلك إيجاد خيار جديد وهو ( الثورة ) بكل ما تحمله الكلمة من معنى وفي خضم ذلك يظل هذا الخيار هو الشغل الشاغل للمفكرين بعد نفاذ الخيارات الأخرى التي بدؤوا بها إلى أن يصل المثقفون إلى الإعلان عن ( ثــورة ) للخلاص والتغيير وتسوق هذه الفكرة في غضون أيام قلائل حتى تجدها سائرة وسط المواطنين وتصبح حديث المدينة ليلتف حولها المواطنون.
بعد رسم ملامح الثورة من قبل المثقفين يأتي دور على الرجال اصحاب القلوب الميتة والذين بدورهم لا يتوانوا في أن يقدموا أرواحهم في سبيل إنجاز المرحلة الثورية وتحقيق أهداف الثورة فضلاً عن تكبدهم المشاق ومواجهتهم للصعاب التي تعتري مسيرتهم النضالية وبذلهم للغالي والرخيص بإسهامهم الفكري والمادي والنفسي حتى تصل الثورة إلى مرحلة النضوج بعدما كانت نواة عند المفكرون .. فتمضي المسيرة النضالية خطوة إثر خطوة حتى تكتمل بنية الوعي الثورية بأسس ذات مضامين ومفاهيم تنشد تحقيق القيم التي إنطلقت من أجلها الثورة التي تتمثل في محاربة الظلم المستشري أي كان سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي.
عقب تحقيق الثورة نتائج إيجابية وطيبة على أرض الواقع و مع إقتراب جني الثمرات يظهر للسطح الخونة قادمون لتحقيق رغباتهم وأطماعهم الذاتية ومصالحهم الشخصية ومآربهم النفعية متدثرين في ذلك بثوب ( الثورة ) والإيمان بها وببرامجها وأهدافها بغية إخفاء أجندتهم الخاصة التي جاؤوا من أجل تحقيقها إلا وهي طعن الثوار من الخلف والركوب على الثورة لتحقيق احلامهم في الوصول الى سلطة واستعباد الشعب.
السؤال الذي يحيرني لو عرف اجدادنا المستقبل وعرفوا ان احفادهم سيصبحون عبيدا عند الخونة فهل كانوا سيخرجون ويحاربون المستعمر .