في جميع أقطار المعمور لا يختلف اثنان على أن الاستبداد و القهر يولدان الغضب داخل نفس الإنسان إلا أن هناك من يختار الصبر رغم ما يحس به من ألم إما بسبب الخوف آو رغبة في الحفاظ على مصلحة ما وهناك من يمتلئ قلبه وتنتفض عروقه و يقرر مواجهة ما يخالج خاطره.
نعم أولئك المنتفضون يتحررون من كل القيود و تصبح مناهضة الاستبداد و القهر قضية بالنسبة لهم تختلف طبعا درجة إيمانهم بها فليسوا كلهم مستعدون لتقديم كل شيء من اجل تحقيقها فهناك من هو مستعد للشهادة للإعتقال والتعذيب وهناك من يصرف النظر عن القضية بمجرد تعرضه لأبسط تضييق و البعض يتنازل عنها بعد حصوله على مقابل وقد طفت مؤخرا على المشهد النضالي بالجزائر عبارات التخوين والتشكيك في صدقية ومصداقية المتظاهرين إلى الحد الذي ينذر بتصدع الجدار الوقائي للبلاد… فمند العشرية السوداء عمد العقل السياسي الرسمي من خلال المؤسسة العسكرية إلى انتهاج أسلوب تخوين المناضلين في محاولة لإحداث شروخ بينهم في انتظار فرصة الانقضاض وقد أفلح في ذلك بل أكثر من ذلك دجّن بعضهم واحتوى البعض الآخر وبعد ذلك أدخل الجميع إلى حضنه من النافذة بانحناءة سجلها التاريخ… ولكن ما نسيه الجنرالات أنه منذ الأزل وتاريخ البشر يضم الكثير من الثقوب السوداء ولكن هناك ثغورا عميقة يدخل منها الهواء هواء الحرية والكرامة وإن تمايز مقدار منسوبيهما لدى المناضلين أنفسهم فقد يختلف المناضلون فيما بينهم لسوء تقدير أو خطأ في التقرير غير أن هذا الاختلاف لا ينبغي أن يزيغ عن مسار الفعل التدافعي القابل للتعثر والوقوف بل يجب أن يخضع لمنطق تدبير الاختلاف حتى لا يُستثمر أحسن استثمار من قبل دعاة التحكم فلمتتبع للمظاهرات يرى أنها تعج بالمتناقضات فعلى قلة المنظرين فيها واختلاف مرجعياتهم تسود بينهم ظاهرة خطيرة وهي تخوين بعضهم البعض لدرجة لا تتصور مما ينسف أي حلم للنضال الوحدوي فكل مجموعة تجتمع حول نفسها و تجعل معركتها الأولى محاربة المجموعات الأخرى بالدعاية المغرضة و التشكيك في تحركاتها والعمل على إفشال أي عمل نضالي تقوم به و التقليل من فاعليته كما أن اغلب المتظاهرين لا يتوفرون على مستوى تكويني يؤهلهم لتحليل معنى الإستقطاب واغلبهم وجد نفسه في المظاهرة دون أن يشعر فقط لأنه يريد إن يأخذ سيلفي في المظاهرة وينشره على الفيسبوك وأشخاص تم تسليط الضوء على حالتهم ليجدوا أنفسهم في الصفوف الأمامية وآخرون ليسوا إلا عيونا وأذانا للعصابة الحاكمة وينفذون مخططاتها و البعض الأخر وجد في المظاهرات وسيلة للتستر على فشله اجتماعيا و أخلاقيا لعله يسترجع ما تضرر من صورته والبعض أيضا اختار هذا الطريق للاستفادة للحصول على وظيفة ومنهم بالفعل من حصل على الوعود في حالة توقفت المظاهرات لذلك يجب تخطي مطلب العهدة الخامسة والمرور للمطالبة برؤوس الجنرالات.