أصبح في بلادنا حجب المواقع الإعلامية الإلكترونية الانتقادية مثل موقعنا أمر عادي كما أصبح الصحفيون المستقلون يخشون قمع نظام الحركي لحريتهم وخصوصا من يعارضون العهدة الخامسة ولو قارنا حالنا بالبلدان التي تتنفس الديمقراطية والتي يتمتع فيها المواطن بالحقوق المدنية واحترام حقوق الإنسان ففيها تعد حرية الصحافة ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية الحقيقية وفي الجزائر بقيت الصحافة والإعلام لعقود مجرد أبواق تروّج لتوجهات الحكومات المتعاقبة منذ تأسيس الدولة وحتى يومنا هذا.
استبشر الجزائريون خيرا وخاصة دُعاة الصحافة والإعلام الحُر بعد رياح التغيير الوهمية التي هبّت على البلد بعد العشرية السوداء متأهبين لأن يأخذوا دورهم المنشود في توفير قاعدة المعرفة بمجريات الأحداث وتقديمها للجمهور كمادة موضوعية تلبي رغبات شرائح المجتمع كافة حيث لكل من التوجهات قراء ومتابعين ومشجِعين ورافِدين ولكن ما لبثت الصحافة ومنتسبيها حتى واجهت محاولات وأد عنيفة تحت تأثير العنف والقمع الذي ضرب أطناب الجزائر من أقصاها إلى أقصاها خلال العقدين الماضين حيث تعرض عشرات الصحفيين للقتل والإصابة والاختطاف والتعذيب والتهديد وأخرهم كان شهيد الصحفيين الجزائريين محمد تامالت الذي يحس أبناء الصحافة أن قَتلهُ كان رسالة موت واضحة هدفها إلقاء الرعب في قلوب حاملي الأقلام التي لا تخشى لومةً لائم وما زاد في الطين بلّة أن قيود قوانين الطوارئ في البلد وما أفرزته من محاصرة لحرية الصحافة وتجاوزات شنيعة على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية بدعوى الاحترازات الأمنية قد أخذت منحاً لا يمكن التغاضي عنه في ضوء تكرار تلك التجاوزات المُهينة من ضرب وسب وإهانة واعتقال وتهديد وكأن من يريد أن يُصوِر الحدَث وينقله إلى الرأي العام يقوم بكشف سر لا يريد المعنيين إفشائه!! والأدهى من ذلك هو بروز ظاهرة استخدام الترهيب على الصحفيين من قِبل جهات سياسية بحيث أصبحت السلامة مرهونة بتجنب هذا الاتجاه والتغاضي عن ذلك الموضوع مجاملة أو خضوعا لجهة معينة على حساب حرية الرأي والحياد والموضوعية فالصحافة اليوم في الجزائر تمرّ بمأزق كبير ومفترق طرق يمكن أن يؤدي بها إلى الصمود والانطلاق على خلفية القوة المعنوية التي اكتسبها الصحفي الجزائري طوال سنوات العشرية السوداء التي مرّت كما يمكن أن يؤدي بها المفترق الأخر إلى الهاوية تحت تأثير سياسة تكميم الأفواه ومحاولات صُنع بؤر هيمنة محليّة .