هناك حقيقة جزائرية مثيرة وهي أن المسؤولين يعيشون أفضل من المواطنين بـ100 مرة وأن الفوارق الاجتماعية الكبيرة صاحبت البلاد منذ الاستقلال إلى درجة أن الجميع يتعايش معها ولا يفكر في تقليصها ويعتقد أنها قدر من السماء لا راد له وهذا هو أخطر ما في ثقافة المواطنين اعتقادهم أن الله تعالى هو المسؤول عن فقرهم وأنه يختبر إيمانهم ويعدهم بالتعويض في الآخرة لا في الدنيا ولهذا كل ما يفعله المواطنين خاصة الغير واعين أنهم يرفعون أكفهم إلى السماء طلبا للرزق ولا يرفعون صوتهم في وجه الدولة طلبا لحقهم في خيرات البلاد التي توزع في غيبة منهم.
في بلد الفقاقير صنعت سيارة “بورش” الفارهة التي استقلها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس لحضور نشاط حزبي في قسنطينة الحدث مؤكدة الفوارق بين المسؤولين والمواطنين ولد عباس الذي كان يركب سيارة يصل ثمنها إلى 20 مليار دينار وثمنها يمكن أن يحل مشاكل الكثير من الشباب وبينما ولد عباس (يشيخ ) علينا بسيارته قام شاب يبلغ من لعمر 32 سنة من بلدية بوسكن على إضرام النار في نفسه محاولا الانتحار أمام مقر ولاية المدية حيث أقدم الشاب بصب البنزين على جسمه قبل أن يشعل النار احتجاجا منه على الظروف القاسية التي يعيشها حيث تدخل أعوان مصالح الأمن لإخماد النار وتم نقل الشاب إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى محمد بوضياف بالولاية. نعم هوة الفوارق الاجتماعية تكبر كل يوم بين الطبقات إلى درجة أننا أصبحنا نعيش في أكثر من جزائر تحت سماء واحدة بين (كليب ديبان و المناطق الشعبية )فمثلا عندما يصرف المواطن على ابنه في المدرسة 5000 دينار في السنة فإن المسؤول يصرف 500 ألف دينار هذا معناه أن ابن المسؤول لديه حظوظ في النجاح والتفوق في الدراسة تفوق 100 مرة حظوظ ابن المواطن الفقير بالنظر إلى انهيار منظومة التعليم العمومي وتوقف المدرسة عن أن تكون مقعدا اجتماعا وآلية لضمان المساواة في الترقي الاجتماعي الذي يمر عبر التعليم وهذا معناه ثانيا أن الفقراء سيلدون فقراء أكثر منهم وأن الأغنياء سيلدون أغنياء أكثر منهم أخطر خلاصة هي تلك التي تقول: «إذا استمرت الجزائر على هذه الوتيرة من الفوارق الاجتماعية فإن البلاد لكي تحد فقط من 50٪ من الفوارق فإنها تحتاج إلى 50 سنة أي أن بلادنا لكي تربح فقط نصف المسافة الفارقة بين مستوى المسؤولين ومستوى المواطن تحتاج إلى 10 حكومات مقبلة هذا إذا كان هناك نمو اقتصادي واجتماعي ولم ترجع إلى الوراء كما هو الحال الان.