في بلد يحتل المراتب الأولى بين الدول الأكثر فسادًا في العالم يتقاذف كل من السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية الكرة في ملعب الأخر في عملية محاربة الفساد ويرى المحللون السياسيون أن الموضوع ما زال نظرية بحتة أو بمعنى أصح حبر على ورق فالفساد وصل إلى مرحلة ديناصور بعدما كان فيل في العشرية السوداء وقد قال أحد السياسيين ساخرًا من هذا الموضوع إن المسؤول الذي يسرق مبلغا أقل من 50 مليون دولار ينظر إليه بأنه نزيه عندما يكون الحديث عن فساد على مستوى عالٍ ويرى خبراء أن هذا الفساد الهائل يساعد على تفسير النقص الهائل في الخدمات وتدهور البنى التحتية وتدهور التنمية الصناعية والزراعية بالجزائر.
وفي خضم هذا الفساد قد يذهب التفكير في إصلاح القطاعات المعطلة في المجتمع إلا التفكير في نوع خاص من الإصلاح يتعلق بإصلاح المسؤولين عن هذه القطاعات المختلة الذين يكونون وراء الاختلال بصفة مباشرة عن طريق عزلهم وإعفائهم فالبرامج الإصلاحية مهما تكن جيدة وفعالة فإن إسنادها إلى مسؤولين فاشلين معناه الحكم عليها بالفشل الذريع وكم من قطاعات كانت تعاني من اختلالات كبرى ولكن بمجرد أن قيض الله لها المسؤولين الأكفاء تحولت من أسو أحال إلى أحسن حال والعكس أيضا يصح فكم من قطاعات كانت بخير وعافية ولكن بمجرد أن آلت إلى مسؤولين غير أكفاء ساء حالها والمسؤول في القطاع يكون بمثابة القلب النابض الذي يضخ الدماء إلى كل عناصر القطاع فإذا ما ضخ المسؤول الدماء الموبوءة إلى عناصر القطاع فإن هذا القطاع برمته يصير موبوءا ولقد جرت العادة في البلاد المتحضرة أنه كلما اختل قطاع إلا وبادر المسؤول عنه بتقديم استقالته الشيء الذي يعني الإقرار والاعتراف بالمسؤولية عن فشل القطاع بطريقة حضارية راقية والمؤسف أن المسؤول عن قطاع فاشل عندنا يكون أشد تمسكا بالمنصب مع علمه علم اليقين أنه وراء إفلاس هذا القطاع وقد يحاول هذا المسؤول الفاشل البحث عن الذرائع والشماعات ليعلق فشله وقد يجد في أسلوب البحث عن كباش الفداء ضالته فيتستر عن استقالته بإقالتها ولكن تظل دار لقمان على حالها والأشد أسفا أن الجهة العليا التي تنصب المسؤول عن اختلال القطاع تكون على علم بفشله ولكنها لا تحرك ساكنا بل لا تدخر جهدا في امتداحه المديح الكاذب في المناسبات التي تلقى فيها خطب المجاملات الكاذبة وقد تصل إلى الجهات العليا العديد من الرسائل المكشوفة والمستورة التي تشكو من فشل المسؤول عن الحكومة او قطاع مشلول ولكنها لا تحظى بأدنى اهتمام وكأن المسؤول عن فشل القطاع المختل قد حاز العصمة التي تجعله فوق كل طعن واتهام ومن المؤسف حقا أن يواصل المسؤول الفاشل تدبيره الفاشل لقطاع فاشل بامتياز عن طريق تكليفه بمهام جديدة مع أنه أثبت فشله في غيرها من المهام لذلك يا اويحيى ومن معك من المسؤولين بلاستكم وين تحبو ما شي في الحكومة.