جميع المواطنين سمعوا المسؤولين يقولون أن الجزائر أفضل من السويد وأمريكا وأكيد الكل تابع المأساة الإنسانية التي خلفتها الفيضانات والسيول الأخيرة فالكمية الهائلة للأمطار المتساقطة وفي مدة زمنية قصيرة أدت للإنجرافات بسبب صعوبة تصريف المياه ناهيك عن البنية التحتية المترهلة جدا والتي تعود لحقبة الاستعمار نعم الفيضانات تحدث في أرقى الدول وفي أتعسها ولكن ما يدعوا للجدل وطرح التساؤلات بعد الكارثة هو طريقة التعامل مع هذه الفواجع الطبيعية .
ومن ابرز التساؤلات والتي تتبادر لدهن المواطن هو كيف يعقل أن تنشر وتذاع النشرات الإنذارية ولا تقوم القوى العمومية ( رجال الحماية المدنية، الدرك ، السلطات المحلية والجيش الشعبي…) بإجراءات إحترازية وقائية وقبلية من قبيل قطع الطرق المجانبة للأودية وضع الترسانة اللوجستية للوقاية المدنية من سيارات إسعاف ووسائل إنقاذ رصد الجرافات للقيام بسدود مؤقتة تقلل من حدة قوة السيول ، ترحيل الناس قبليا إن كانت التوقعات كارثية…وقبل الكارثة يجب الزيادة في طول القناطر تحت الأودية لأنه لا يعقل أن نجد قناطر تكاد تلامس صبيب الأودية الشيء الذي يؤدي إلى غمرها بسرعة كبيرة تهدد مستعمليها من أصحاب السيارات والراجلين إذن ما دور هذه المؤسسات العسكرية والمدنية إن لم تقم بدورها هل هي موضوعة للزينة مثلا.. ما دور وزارات الدفاع والداخلية والصحة والتجهيز إن لم يكن تدبر بحكامة وتسيير الفاجعة على أحسن طريقة أليست الدولة من خلال هذه الوزارات مسؤولة عن حدة الكوارث والمآسي الإنسانية الناجمة عن هده فيضانات. إن لم تكن الحماية المدنية وغيرها تقوم بأدوارها الكاملة يجب حلها ونقول للمواطنين بصراحة إعتمدوا على أنفسكم لأن الدولة لا تتوفر على حكامة و خارطة طريق تسييرية في المستوى. ثم ما دور القناطر إذا كانت تتهاوى بعد أربعة أو 3 أشهر من تشييدها ألا يجب تقديم الساهرين عليها للعدالة وللأسف كنا ننتظر على الأقل الإعتراف بالمسؤوليات من لدن رجالات الدولة لكن ما حدث هو العكس فمثلا حينما تابعت تصريح احد المسؤولين أصبت بذهول وصدمة كبيرة فهذا الوزير قال في ما يشبه النكتة أن من جرفتهم السيول هم من يتحملون مسؤولية ذلك فكيف قاموا بمتابعة المسير في طريق مغمورة بالمياه وتابع كان عليهم التراجع إلى الوراء وعدم المخاطرة وإسترسل وقال أنا شخصيا حينما أكون في السيارة أرى جيدا هل الطريق أمنة أم لا … حسنا قد يبدو كلام السيد وزير منطقي لأنه كيف قام الناس بالسير في الطريق وهي مغمورة بالمياه…لكن تمنيت للأمانة أن يأتي السيد الوزير للبرلمان ويتكلم بكل جرأة ويحمل المسؤولية لأصحابها إذ كان من المفروض عليه أن يشير بأصابع الإتهام لرجال الدرك والجيش الذين لم يقوموا بأدوارهم المقتضية بقطع الطرقات خارج المدار الحضري ومنع الناس من إرتيادها… هذا هو الكلام الذي كان على الجزائريين سماعه من رجل على مستوى عالي من المسؤولية بالدولة.
خلاصة القول المشكل ليس في حدوث الفيضانات لكن في طريقة التعامل معها وهذه الكوارث تكشف مدى الفساد التسييري بالدولة وإلى أي درجة هذه الدولة تحترم مواطنيها فصراحة هذه الطريقة الكارثية للتعامل مع الفيضانات تجعلني أحيل على مسألة خطير جدا مفادها أن مشاهدة المواطنين يغوثون بعضهم البعض في ظل تلكئ واضح للحماية المدنية وغيرها قد يرجعنا لزمن القبيلة والنظرية الإنقسامية الخلدونية المبنية على مبدأ الولاءات للقبيلة والعمومة وأبناء العمومة عوض الإيمان بالدولة ومفهومهما الحداثي لأنه بكل بساطة من حق المواطن في ظل هذه المعطيات المادية أن يقول لك أنا لا أعترف بدولة لا تقدم مؤسساتها شيء لحماية المواطنين وبالتالي سأعترف فقط بالجماعة والعشيرة التي أنتمي إليها