إن الزبونية والمحسوبية والتملق هما من أخطر السلوكيات الخبيثة دمارا في مجتمعنا اليوم فهي تعطي نتائج سلبية في تطور البلد والسير به إلى التخلف والانحطاط ومن أبرز تجليات هذا الثلاثي في حياتنا اليومية نجدها في القضاء في الضرائب في الحصول على الوثائق الإدارية والحصول على وظيفة والترقيات وإنشاء جمعيات وكراء أراضي الدولة والعقارات والحصول على مناقصات تنظيم حفلات….إلخ. ويعتبر الإقصاء الاجتماعي والتهميش وغياب العدالة الاجتماعية أبرز نتائج الرشوة والزبونية والمحسوبية و سلاحا فتكا يعصف بمصير الملايين من أبناء جلدتنا في كل رقعة من الوطن وصورة مقززة لواقعنا الهش المليء بالفضائع.
الزبونية والمحسوبية والتملق هم نتيجة للاعتقاد القبلي الشهير “نحن ومن بعدنا الطفان” فقد أصبحت المحسوبية تقريبا حق دستوري بمعنى أن المسؤولين ووزراء اليوم عندما يتولون مهامهم يحصلون على العشرات من فرص العمل في دواوينهم لتقديمها لأسرهم أو أصدقائهم أو بيعها في سوق السوداء وإذا كان شخص من العامة يريد قضاء غرض ما متعلق بحياته اليومية فإنه يحتاج إلى أن يكون له وسيط من الخاصة فاليوم في الجزائر يمكنك أن تكون طبيبا أو مهندسا أو أستاذا أو شيئا آخر ولكن إذا كنت فقط من العامة فلا يمكنك أن تستفيذ من ترقية أو يكون لك أي قرار أو فائدة . فالنظام بالبلاد سيبقى غابويا وغير ديمقراطي ما دام لا يعترف بكفاءة الأشخاص وجدارتهم بل يعترف بهم من حيث نسبهم ومكانتهم وثروتهم. ومعلوم أن الصالح العام له دواليبه التي لا يمكن أن تتعطل إلا أن المحسوبية والزبونية تعرقل هذه الدواليب عندما تمكن من لا يستحق من التسلل إليها ليعمل عكس سير هذه الدواليب المحركة لعجلة الصالح العام الضخمة فكم من قطاع في البلد يعرف التأخر أو التعطيل أو حتى الشلل التام ويكون سبب ذلك وجود (مسؤول ) آل إليه الأمر عن طريق المحسوبية أو الزبونية وهو غير مؤهل لتحمل المسؤولية وإنما وصل إليها بطريق غير مشروع إما برشوة مادية أو بجاه سواء كان جاه قرابة أو جاه حزب أو طائفة أو حتى بعرض مباح أحيانا و (المسؤول ) الواصل إلى المسؤولية التي تفوق كفاءته وقدره عن طريق المحسوبية والزبونية دائم التبجح بالكفاءة والأهلية لأنه يقر في قرارة نفسه أنه حصل على مسؤولية ليس أهلا لها وهو يعلم علم اليقين أن الرأي العام يستنكر حصوله على هذه المسؤولية تماما كما أنه هو نفسه غير مقتنع بأهليته لتبوأ هذه المسؤولية ومع ذلك يعطل ضميره ويحاول جهده وباستمرار إقناع الرأي العام بأنه في مكانه المستحق بطرق شتى أشهرها إلى درجة الابتذال وسائل الإشهار المختلفة حيث يعتمد على شرذمة من الوصوليين والانتهازيين من أصحاب المصالح الخاصة أمثاله ليقوموا بدور الدعاية الرخيصة له وتمجيده كذبا وزورا وهم الذين سماهم المصلح عبد الرحمان الكواكبي رحمه الله المتمجدين الذين يصنعون الاستبداد والذين نسميهم نحن الشياتين.