تحولت مؤسساتنا الحكومية على امتداد الوطن إلى مصانع كذب يديرها المنافقون والمنتفعون وينفذها المنقلبون والقمعيُّون الذين يبغونَها عِوجًا! و الذين يتشدقون بالعبارات (المصطنعة) ويكثرون من تعبيرات: نحن.. في الحقيقية .. سنأخذ ذلك بعين الاعتبار.. سنولي هذا الموضوع أقصى اهتمامنا…الخ. فالمواطن لاحظ تكرار حالات الكذب في التصريحات التي تتحدث عن تلبية الخدمات والاحتياجات من لدن هؤلاء المسؤولين ومن بينهم وزراء أو مدراء عامون ومنهم من يتربع على منصب حساس أن يخدم الناس خدمة حيوية وكبيرة بيد أن هناك مسؤولين يكذبون على المواطن بمعنى أوضح يظهرون على شاشات التلفاز أو في الإذاعات أو في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى ويعلنون قرب الانتهاء من إنجاز المشروع الفلاني أو سوف تنتهي معاناة المواطنين قريبا أو أننا توصلنا إلى حل المشكلة الفلانية بصورة نهائية وهكذا تستمر التصريحات الكاذبة كأسلوب أتقنه بعض المسؤولين لامتصاص نقمة الناس عليهم وعلى وزاراتهم ودوائرهم.
المسؤولون يكذبون على الناس في وضح النهار وتمر أكاذيبهم من دون حساب ويبقى المواطنون يتذكرون التصريحات بحسرة مع نقمة تتزايد يوميا على الأجهزة الحكومية التي يقودها أو يديرها مسؤولون كاذبون فهل يصح أن تستمر هذه الظاهرة في ظل نهج ديمقراطي تحرري؟ أليس من الصحيح أن تتحرك الجهات المعنية في الحكومة لكي تضع حدا لمثل هذه الأكاذيب ونعني بالحكومة هنا أليس من الواجب على أمانة رئاسة الوزراء أن تضع ضوابط واضحة المعالم تعاقب من خلالها من يكذب من المسؤولين على المواطن؟ ثم أليس من الصحيح أن توضع في هذا الصدد تشريعات واضحة سواء من السلطة التشريعية أو الجهات المعنية لكي تضع حدا للتصريحات الكاذبة؟ لأن الكثير من التصريحات لم تعد تنطلي على المواطن وهذا ما يؤكد فقدان الثقة على نحو جدي بتصريحات المسؤولين لذا لابد من معالجات قانونية تحد من هذه الظاهرة التي لا ينحصر ضررها بالمسؤول وحده بل تتعدى شخصه إلى دائرته أو مؤسسته أو وزارته كلها ناهيك عن الضرر الذي تلحقه بالأداء الحكومي على نحو عام وإذا كان المسؤول لا يعي حجم الضرر الذي يلحق بالمواطن نتيجة لتصريحاته فحري بالجهات المعنية أن تضع وتصدر القرارات الصائبة التي تحد من هذه الظاهرة لأن تصاعد هذه الظاهرة وتناميها وتكرارها على نحو لافت يؤكد عدم أهلية كثير من المسؤولين للمناصب التي يشغلونها ويؤكد أيضا عدم شعورهم بحجم مسؤولياتهم ويؤكد قطعا طبيعة شخصية المسؤول المتكونة من جملة سمات وصفات رديئة مثل اللامبالاة والإهمال والاستئثار وسواها مما يؤكد عدم أهليته لمنصبه فضلا عن الحاجة القصوى إلى أسلوب الردع والمتابعة من أجل القضاء على هذه الظاهرة المستفحلة.
أيها المسؤولون الصدق في أقوالنا أقوى لنا والكذب في أفعالنا أفعى لنا هكذا تقول الحكمة المعروفة ولهذا أقول لكل من يهوى ‘آفة الكذب’ منكم من فضلكم أوقفوا الكذب احتراما لأنفسكم وكفى كذباً على الذقون وبيع الناس البسطاء أوهاما وكفاكم من الكذب على هذا الشعب فالدنيا تدور والمناصب لن تدوم لأحد فما أجمل الصدق والوضوح مع المواطن وما أصعب أن تخرجوا من مصانع الكذب بالذل والخجل أمام الناس.