في وقت يذهب فيه الإنسان إلى مستشفياتنا ليتلقى العلاج إذا به يجد نفسه يحمل أمراضا أخرى من داخل المستشفى، و هذا حال 13 طفلا انتقلت إليهم عدوى داء الكبد الفيروسي بعد عملية نقل دم ملوث لهم من قبل الطاقم الطبي، و المستشفى الذي دار فيه هذا الحدث الأليم هو مستشفى نفيسة حمود “بارني سابقا”، لتتحول بذلك أدوار مستشفياتنا من الجانب الوقائي الاستشفائي إلى جانب فوبيا الإصابة بأمراض معدية و البحث عن الموت بطرق استشفائية!
و مع هذه الفضيحة الجديدة تعود إلى الأذهان حالة الطفلة البريئة رانيا التي لفظت أنفاسها الأخيرة في مستشفى بلفور نتيجة الإهمال و اللامبالاة بعد تحويلها إلى مستشفى بارني بذريعة عدم وجود أسرة.
لتنضاف إلى أرشيف مستشفياتنا مأساة أخرى من بين مئات المآسي و هذه المرة يفجرها آباء 13 طفلا تم نقلهم إلى المستشفى ليتسبب الطاقم الطبي القائم عليهم في إصابتهم بعدوى داء الكبد الفيروسي، بعدما تم نقل دم ملوث إلى شريانهم الصغير دون فحصه أو تحليله.
أمام هذا الواقع التراجيدي العبثي بأرواح العباد طالب آباء الأطفال ضحايا هذا الإهمال القاتل وزير الصحة و المستشفيات السيد عبد المالك بوضياف بفتح تحقيق في هذه الكارثة، و قد قال أب إحدى الطفلات و تسمى آلاء ضحية هذه الفضيحة لأحد وسائل الإعلام الوطنية أنه قدم من جانت بولاية تيزي وزو آملا في الحصول على العلاج لابنته المصابة بداء السرطان، قاطعا مسافة 2500 كلم للوصول إلى مستشفى العاصمة من أجل الحصول على العلاج لفلذة كبده بسبب سوء التكفل بالأطفال المرضى بمستشفى جانت، و ليجد سريرا لابنته ـ على حد قوله ـ إلا بعد إجراء اتصالات مكثفة للحصول على محسوبية، مضيفا أن ابنته التي تمكث بالمستشفى منذ أشهر في ظروف صعبة بسبب تشتت عائلتها، حيث توجد والدتها معها ووالدها يعمل في جانت، ويتنقل في كل مرة بتكاليف مالية باهظة إلى العاصمة، لتفقدها بينما تشرد إخوتها في ورقلة عند جدتهم، ليكتشف أن ابنته قد تم ضخ دم ملوث إلى شرايينها، و بعد أن استفسر سيجد طامة كبرى أن هناك 12 طفلا يقبعون في نفس المصلحة ضحية هذه العدوى التي انتقلت إلى أطفالهم عوض أن ينتقل العلاج الذي سينهي مأساتهم، و تنضاف رحلة ألم أخرى إلى سفر علاجهم في مستشفى العاصمة.
أمام هذا الوضع الكارثي أكد والد الطفلة آلاء أنه لن يسكت على هذه الفضيحة و يطالب بتحرك السلطات العليا ممثلة في الوزير المسؤول على الوزارة الوصية عبد المالك بوضياف، من أجل وضع حد لهذه المآسي التي تعرفها مستشفياتنا وسط ارتكاب جرائم منظمة داخل مستشفياتنا و صمت مطبق للمسؤولين أمام هذه الحالات الخطيرة و لا يحركون ساكنا.
و قد دخلت على الخط النائب عن تكتل الجزائر الخضراء سميرة ضوايفية، التي تواصلت مع الضحايا، التي تتواصل مع الضحايا و قامت بمراسلة عاجلة للوزير بوضياف، تطالبه فيها بتحديد أسرع الآجال لفتح تحقيق معمق في الحادثة، واتخاذ كافة التدابير لحماية المواطنين من هذا الداء الخبيث.
كما أشارت النائب ضوايفية إلى أنها قد راسلت الوزير في وقت سابق فيما يخص هذا المرض الذي يفتك بحياة عشرات الآلاف من المواطنين، وذكرت بأنها دعت المسؤول الأول عن قطاع الصحة إلى إجراء دراسة وبائية حول أسباب انتشار المرض في ولاية تبسة مع ثلاث ولايات مجاورة، وهي خنشلة، أم البواقي وباتنة، نظرا للارتباط الديمغرافي لهذه الولايات ببعضها بعضا، وهو ما انعكس على تمركز الإصابة فيها بشكل خطير ومقلق، وقد حملت النائب عن تكتل الجزائر الخضراء مصالح وزارة الصحة مسؤولية ظهور حالات جديدة من هذا الداء الخبيث، بسبب تقاعسها عن كشف أسباب تفشيه وتبريراتها غير المقنعة.
و أمام هذا الواقع الصحي لمستشفياتنا التي تحصد الأرواح و تتسبب في مآسي لمرضى دخلوا لمستشفياتنا طلبا للعلاج إلا أن رحلتهم الاستشفائية تنتهي بين يدي ملاك الموت أو بين يدي أطقمة طبية يغيب عنها حس المسؤولية و أخلاقيات المهنة و الإهمال الذي يهدد حياة الناس