ذوي الاحتياجات الخاصة كانوا فيما مضى يسمون بالمقعدين ثم أطلقوا عليهم لفظ ذوي العاهات ثم مسمى العاجزين ولما تطورت النظرة إليهم على أنهم ليسوا عاجزين لأن المجتمع هو الذي عجز عن استيعابهم وعجز عن تقبلهم وعجز عن الاستفادة منهم مما قد يزيد هوة عدم التعرف على مميزات أو مواهب أو صفات أو قدرات لديهم يمكن تنميتها وتدريبها بحيث يتكيفون مع مجتمعهم رغم عاهاتهم بل ربما يفوقون غيرهم ممن نطلق عليهم تجاوزاً الأسوياء أي عندما أدرك المجتمع أنه هو الذي يحوي تلك العوائق التي تمنع ذوي الاحتياجات الخاصة من التكيف معه غيّر المجتمع نظرته تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة عندئذ أصبحت المراجع العلمية والهيئات المتخصصة تسميهم ذوي الاحتياجات الخاصة بمعنى وجود نقص في حاجيات تعيقهم عن التكيف مع المجتمع وبهذا أصبحت كلمة ذوي الاحتياجات الخاصة لا تقتصر مفهوماً على المعاقين عن الكسب والعمل فقط أيضاً عن التكيف نفسياً واجتماعياً مع البيئة ولا شك أن التسميات السلبية مثل المكفوفون ، الصم ، المشلولون ، المعاقين ، والمتخلفون عقلياً وغيرها تترك أثراً سلبياً ووصمة تؤثر على المريض وعلاقته الاجتماعية تأثيراً بالغاولكن التسميات الإيجابية مثل ذوو الاحتياجات الخاصة أو ذو الصعوبات تعطي انطباعاً وتفاعلاً جيداً لمثل هؤلاء مع المجتمع.
أما اليوم عندما نسمع أن رجلاً في عقده الثالث من العمر متزوج وأب لطفلة وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة أقدم على محاولة وضع حد لحياته حرقا داخل مقر دائرة المشروحة بولاية سوق أهراس بعد إقصائه من حصة السكن الاجتماعي التي أفرج عن 70 مسكنا منها بقرية عين سنور حيث قام برش جسمه بمادة البنزين محاولا إضرام النار في جسده لولا تدخل بعض المواطنين الذين قصدوا مقر الدائرة للاحتجاج على هذه القائمة التي وصفوها بالمزورة وغير العادلة.هنا نتأكد أن الظلم والحغرة في هذا الوطن شمل الجميع ولم يسلم منهم احد أين محل حكومتنا اليوم ومقام به الخليفة عمر بن عبد العزيز في القرون الغابرة عندما حث على إحصاء عدد ذوو الاحتياجات الخاصة في دولته لإعطائهم الأولوية في كل شيء ووضع تشريعاً يقضي بأن بيت مال المسلمين مسئول عن النفقة على ذوو الاحتياجات الخاصة أما الخليفة الوليد بن عبد الملك فقد بنى أول مستشفى ذوو الاحتياجات الخاصة عام 88 هـ وأعطى كل مقعد خادماً وكل أعمى قائداً والأمويون عامة أنشئوا مستشفيات لذوي الاحتياجات الخاصة فأنشأ الخليفة المأمون مستشفى للعميان والنساء العاجزات في بغداد والمدن الكبيرة وقام السلطان قلاوون ببناء مستشفى لرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة بل وكتب كثير من علماء المسلمين عن ذوي الاحتياجات الخاصة مما يدل على اهتمامهم بهم مثل الرازي و ابن سينا .
عندما نقرأ كيف كان يعامل ذوي الاحتياجات الخاصة والمواطنين بصفة عامة قبل عشرات القرون نتساءل هل أصبحنا نعيش تخلف الجاهلية أم أن الحكومة تعامل المواطنين بقصوى اكبر من التي كان يعامل بها المستعمر الشعب الجزائري.