الإحتجاجات في كل مكان فبعد مرور شهرين على السنة الجديدة ما زال آلاف الشباب الجزائريين يتحدّون نظام الحركي الجائر باحتجاجات مكثفة في الشوارع. وفي الآونة الأخيرة اتسعت رقعة الاحتجاج ولم تعد محصورة على منطقة القبايل كما كان سابقا بل وصلت إلى مناطق أخرى وعلى الخصوص إلى العاصمة والولايات الكبرى.
حاول نظام الحركي امتصاص الغضب وإخماد الاحتجاجات بالتهديدات وبعد ذلك قام بالاستعانة بعلماء السلطان وحرموا الاحتجاجات ثم جدد النظام عزمه على توفير التنمية الاقتصادية ومناصب الشغل للشباب. وفي الأيام الأخيرة حاول نظام الحركي مرة أخرى إخماد الحركة الاحتجاجية باستعمال وسائل أشد ثقلا وذلك باختطاف طالبات وإطلاق سراحهم خارج المدار الحضاري في الطريق السيار بمكان مقطوع في قمة الاحتقار للمواطن. إلا أن المتظاهرين الشباب وبشكل أكثر فأكثر من النساء يواصلون احتلال شوارع المدن وإغلاق أسواقها بتنظيم إضرابات عامة وكرد فعل على اختطاف المتظاهرات هذا الأسبوع ردد بعضهم “انتهى الاحتجاج السلمي” وتراشقوا مع الشرطة بالحجارة في الاشتباكات ويدلّ استمرار الاحتجاجات على أن تكتيكات نظام الحركي لنزع فتيل احتجاجات المطالبين بحكم ديمقراطي وغير فاسد وبمطالبهم الشرعية (الأطباء والأساتذة) انتهت مدة صلاحيتها لأنه إذا أراد نظام الحركي أن يحافظ على مسروقاته والاستقرار النسبي الذي تعيشه البلاد في عالم عربي مضطرب لا يكفي أن يقوم بإجراء تغييرات شكلية فقط تحافظ على الحكم السلطوي لأن إصرار الجزائريين على المطالبة بالتغيير الحقيقي ومخاطر الاضطرابات العنيفة في حال تم تجاهل مطالبهم آخذة في الازدياد. ومعها يتزايد خطر زرع النظام للحركات الإيديولوجية المتطرفة العنيفة في أوساط الشباب المحبط بشكل متزايد فهذه الحركات تعتبر السلاح الفتاك بيد النظام والذي يهدد الشعب دائما برجوع العشرية السوداء لأن المشكلة تكمن في كون نظام الحركي غير قادر على إرساء الديمقراطية الحقيقية والشفافية التي يطالب بها المتظاهرون لأن ذلك من شأنه أن يشكل خطرا على الفساد النظامي المستشري في ظل حكمه.
إن أكبر عقبة أمام إرساء الديمقراطية وتحقيق تنمية أفضل هي الفساد المستشري في البلاد فغالبا ما يتحدث المواطنون عن الرشاوى التي يتلقاها رجال الشرطة والدرك والمسؤولون الحكوميون كما أن هناك تقارير لرجال الأعمال والصحفيين الاستقصائيين تصف السطو الممنهج على الاقتصاد من طرف نظام الحركي وجزئيا من طرف الشركات التي يملكها موالوه وأسرهم لذلك قد يبادر نظام الحركي و موالوه على طبخ وصفة تجمع مرة أخرى بين تقديم الوعود وقمع الاحتجاجات الحالية لإخمادها مثلما فعلوا أيام الربيع العربي إلا أن مزاعمهم في الإصلاح لنزع فتيل الغضب الشعبي والاضطرابات العنيفة يصبح في كل مرة أقل فعالية وأكثر خطورة.