على الرغم من مطالب الجزائريين المتكررة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وبالرغم من أن منظمات حقوق الإنسان قدمت للحكومة مرارًا وتكرارًا مقترحات لتحسين حالة حقوق الإنسان في الجزائر إلا أن غياب الإرادة السياسية لتحسين حالة حقوق الإنسان يظل العائق الأساسي لتدهور حالة الحقوق والحريات ببلادنا.
فقد انتهكت كل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال العديد من الحقوق مثل الحق في الحياة والتجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات وحرية الرأي والتعبير فضلاً عن الاعتداءات الجسدية والجنسية على المتظاهرين بينما لم تحرز تقدمًا يذكر في تحسين أوضاع الفقراء والخدمات الصحية والتعليمية والسكن.وفي أخر تقرير لمنظمة العفو الدولية (أمنيستي) عن الجزائر حول وضعية حقوق الإنسان لسنة 2017 قالت المنظمة أن السلطات الجزائر واصلت القبض على الناشطين السلميين ومحاكمتهم وكذلك الصحفيين والمدونين الذي غطوا مختلف المظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي وإقتصرت الحالات التي تضمنها التقرير في هذا المجال على حالة المدون مرزوق تواتي الذي يقول عنه التقرير أن السلطات إحتجزته للتحقيق معه بسبب تعليقاته على المظاهرات وحسب التقرير فإنه على مدى سنة 2017 ونتيجة سياسات القمع العنيف التي اتبعتها أجهزة الأمن خاصةً في فض الاعتصامات والمظاهرات واستخدام القوة بصورة غير متناسبة وتعرض الحق في الحياة لانتهاكات صارخة. وفي هذا الصدد يشير التقرير أيضًا إلى انتهاك الحق في الحياة الذي يُمارس ضد العسكريين والمدنيين من قِبل الجماعات الإرهابية التي لم تنجح الحكومات المتعاقبة في وضع حد لممارستها الإجرامية التي بدأت في الجبال ثم امتدت لباقي أرجاء الجمهورية مند التسعينات . وركز التقرير على الحق في المحاكمة العادلة وغياب آلية فعالة للمحاسبة على الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الجزائريون الأمر الذي شكك في نزاهة أية آلية للانتصاف وإقامة عدالة حقيقة ناهيك عن الزيادة البالغة في أعداد المدنيين الخاضعين للمحاكمات السياسية بما في ذلك القُصّر. كما ركز التقرير على الحق في التجمع السلمي والانتهاكات الجسيمة التي نالت منه سواء على المستوى التشريعي من خلال تقديم نقد لقانون التظاهر الذي فرّغ حق التجمع السلمي من مضمونه في مقابل إطلاق يد قوات الأمن في التعامل مع المتظاهرين أو على مستوى الممارسات القمعية والعنيفة في التعامل مع التظاهرات والتي أسفرت عن جرح ما يقرب من 1000 مواطن في الثلاث سنوات الماضية ناهيك عن تعرض النساء المشاركات في التظاهرات للعديد من التعديات وصلت إلى حد الاختطاف ورميهم على جنبات الطرق الخالية كما وقع مؤخرا والذي عجزت الجمعيات الحقوقية عن منعه أو عن تعويض الضحايا. وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أنه ورغم قبول الجزائر لخمس وعشرين توصية فيما يتعلق بحقوق الإنسان إلا أن الدولة لم تتخذ أي إجراءات للوفاء بالتزاماتها إزاء تلك التوصيات كما لم تتخذ أي إجراءات تجاه دعم ابسط حقوق الإنسان.