يحظى التعليم منذ أمد بعيد باهتمام بالغ من طرف الدول المتقدمة فهو ضالة الإنسان وطريقه نحو رؤية واضحة وهدف منشود ومن دون تعليم لا يمكن للشعوب أن تؤطر وللقيادات أن تصنع وتأهل فهو الأساس المتين لنهضة شاملة.
وفي عالمنا اليوم تقسم الدول إلى دول متقدمة (السويد) ودول متخلفة (الجزائر) بحساب نسبة نجاح الدولة في قانون الحلقات الأربع أو ما يطلق عليه بمؤشر التنمية البشرية ويشمل التعليم الجيد والصحة الجيدة والاقتصاد الفعال والسكن اللائق ولأن التعليم هو الأصل فبه تضمن بقية المؤشرات فقد عمدت الدول العظمى إلى الاهتمام به وتطويره إلى أقصى الحدود وإعطاءه الجزء الأكبر من العناية المادية والمعنوية وذلك بتشييد المدارس والكليات واختيار الكفاءات العليا من الأساتذة للتعليم وكذا حرصهم على توظيف حملات التحسيس والتوعية للرفع من مستوى التعليم وكذلك خلق فرص الشغل لكل المتخرجين.أما دول المتخلفة ومن بينها بلادنا فيبدو أن سنين الاحتلال قد أوجعتها كثيرا فلم تعي أن دواء دائها يكمن في التغيير الفاعل عن طريق التعليم واكتفت بالشكوى! فلك أن تنظر لوضعية الجزائر كمثال جيد وواضح فبعد نيلها الاستقلال سارعت لوضع خطة تنهض بوحدة ترابه للم الشمل من جديد فما كان عليها إلا أن تصادق على بنود المحتل الفرنسي في مجموعة من الشروط فوافقت على المناهج الدراسية الخاضعة للمنظومة الغربية وأجبر على ضرورة الاستشارة في كل ألف تضاف إلى برامج التعليم أو ياء تحذف. فمتى كان المحتل حريصا على سلامة أعداءه؟ وماذا حققت هذه المناهج بعد خمسين سنة من تطبيقها ؟ أو لسنا بربكم بمثابة حقل تجارب للدولة الفرنسية؟ لقد أكدت الإحصائيات الأخيرة أن بلادنا الحبيبة تحتل المرتبة الأخيرة عالميا على مستوى التعليم فأي انحطاط هذا الذي لحق بأمة اقرأ؟ ولحسن حظنا فالحكومة ورغم كل الصفعات التي تتلقاها من الداخل ومن الخارج فهي تتسم ببرودة وهدوء تحسد عليه بل وتتفاعل مع الإحصائيات الدولية بشكل من الاطمئنان التام وتقابل انتقادات الطالب وأستاذ بأرقام ونسب نستغرب حقا بأي المعادلات الرياضية تم الحصول عليها وأغبى من هذا بل بتصريحات من مسؤولين كبار يقلون أن الجزائر أفضل من السويد وباقي الدول المتقدمة. وكل هذه المصائب فالحكومة تقول أن أكثر من 25% من ميزانية الدولة تصرف على هذا القطاع البئيس أو على الأقل كما تدعي وبلغة المنطق نتساءل أين واقعنا من هذه الإحصائيات العالمية في ظل قلة المدارس في المدن ونذرتها في البوادي والقرى النائية هذا ناهيك عن قلة الكفاءات من المدرسين والمعلمين وسوء توزيع عطل السنة الدراسية يضاف إلى هذا كله تلك الشواهد الطبية غير المنتهية للمعلمين.
إن بلادنا اليوم هي أحوج ما يكون لقيادة شابة ونيرة تأخذ على كاهلها مسؤولية التغيير الجذري وكم نأمل أن تكون هذه القيادة هي تلك الأدمغة المهاجرة التي رفضت وضع وطنها البئيس ودفعت ثمن الغربة من أجل أن تتعلم وكما يقال قطيع من الأغنام يقودهم أسد أفضل بكثير من قطيع أسود يقودهم خروف! فلك المثال في كل من ماليزيا وتركيا إذ استطاعتا ولوقت وجيز أن تصبحا من الدول المتقدمة عسكريا وحضاريا وثقافيا وإعلاميا وحتى سياسيا والسر أنهما منحتا للتعليم ما لم تمنحاه لغيره وها هما اليوم يستقبلون الطلبة من داخل البلاد ومن خارجها ويضمنان لكل متعلم متخرج وظيفة رسمية شريفة.