في ظل الأزمات التي يعيشها المواطن في كل المجالات تخرج إلينا قنواتنا التلفزيونية التي غزت البيوت والعقول والتي لا تنشر سوى الفضائح أو تعتمد على التسلية الرخيصة فالطامة الكبرى مؤخرا نشر تقارير لتيس المقدس الغيليزاني و الذي قفز سعره من 3 ملايين إلى أكثر من 100 مليون سنتيم ويدعي أصحابه أن (حليبه) أو بالأحرى مادة أخرى تستعمل لتزاوج التيوس تعالج جميع الأمراض وتجلب السعادة لشاربها !!! وأن هذا الحليب تم تصديره لبريطانيا وفرنسا.
ورغم التحذير الكبير من هذه القنوات والتي تبث التخلف والرجعية على العلن وليس في الخفاء كعادة المشعوذين التقليديين الذين يمارسون شعوذتهم بالزوايا المظلمة إلا أن هذه القنوات بات لديها جمهور عريض يتابع برامجها ويدأب على مشاهدتها فالإعلام یؤثر بشكل مباشر على أفراد المجتمع من خلال قدرة وسائل الإعلام على الوصول إلى قطاع كبیر من الناس تنطلق من قدرة وسائل الإعلام على مخاطبة جماھیر عریضة في وقت واحد وھذه خاصیة من خصائص الإعلام الجماھیري بما یمكن معھا التوجیه الجماعي نحو ھدف أو قضیة معینة واستنھاض الرأي العام لعمل ما سلباً أو إیجاباً وبث مشاعر معینة تحرك الجماھیر نحو سلوك أو قرار محدد وكما ھو معروف عن مجتمعنا أنه مجتمع عاطفي لذلك نجد وسائل الإعلام تحاول أن تستملي الجمھور لصالحھا عن طریق تحریك مشاعر العاطفة لدیھم لذلك تتحمل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئیة مسؤولیة تاریخیة في مكافحة الفساد بجمیع أشكاله على اعتبار إنھا تمثل السلطة الرابعة في المجتمع بعد السلطات التنفیذیة والتشریعیة والقضائیة وبالتالي فھي تشكل سلطة شعبیة تعبر عن ضمیر المجتمع وتحافظ على مصالحه الوطنیة.وإذا كانت البطالة والتضخم وانخفاض متوسط دخل الفرد والتلاعب بالأسعار الخاصة بالسلع الاستھلاكیة تعبر في بعض الأحیان بشكل أو بآخر عن البعد الاقتصادي لظاھرة الفساد من حیث أن معظم الأسباب المؤدیة إلى ھذه المشاكل تكون وفق تخطیط اقتصادي یستفید منه بعض الأفراد إلا أن الإعلام یجب أن یوضح للناس الفرق بین الأسباب المرتبطة بالتطور الاقتصادي والأسباب المرتبطة بالفساد الاقتصادي كما أنه في المقابل على وسائل الإعلام أن لا تھمل الأنواع الأخرى للفساد ومنھا الفساد السیاسي والاجتماعي والإعلامي وان تترك التيس الغيليزاني لأن المسكين سيصاب بالعقم.