يقول نيكولا مكيافيلي درجة الصعوبة والخطورة في محاولتك تحرير شعب راض بعبوديته هي نفسها عند محاولتك استعباد شعب حر.وبالفعل نرى ما يقع للوطنيين الذين أرادوا تحرير شعب الجزائر من العبودية وأخرهم الصحفي الشهيد محمد تامالت الذي لم يأخذ بنصيحة نيكولا مكيافيلي أن هذا الشعب راض بعبوديته والدليل ما وقع في حفل تكريم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من طرف الجماعات المحلية بقصر المؤتمرات وطريقة تقديس صورته والتصفيق لها في مشهد لم ينقصه سوى السجود أمام الصورة ليذكرنا بمشاهد أربعينية الخميني في أواخر الثمانينيات والتي أضحكت العالم.
إن الذين ينافقون الحاكم وصولاً إلى نفع أو تجنباً لأذى إنما ينزلون بأنفسهم إلى منزلة العبودية أنهم يتخلون عن فضيلة الحرية التي وهبها الخالق للإنسان ليتوج بها إنسانيته وأنهم لا يدركون أن الحرية هي الحياة وأنها شمس يجب أن تشرق في كل نفس فمن عاش محروما منها ظلت حياته ظلاما حالكا يتصل أوله بظلمة الرحم وأخره بظلمة القبر. وليدرك الناس جميعاً أنه إذا كانت العبودية هي الطريق إلى الطغيان وإذا كان رضاء شعب بالمذلة سبيلاً إلى حكم الطغاة فإن الذي لا ريب فيه هو أن النفاق هو الطريق إلى العبودية فأهل النفاق هم الضالون المضلون الخادعون الكاذبون يتلونون ألواناً يعيشون الظلام أعدوا لكل حق باطلاً ولكل قائم مائلاً ولكل حي قاتلاً ولكل باب مفتاحاً ولكل ليل مصباحاً أنهم أسرى مشيئة الحاكم وأصدقاء الكذب والرياء وحماة القهر والطغيان. لقد علمنا التاريخ أن شعباً يؤمن بالحرية إيمانه بحياته أقوى من أن يتحكم فيه طاغية وأن شعباً يخلع عن نفسه رداء المذلة والهزيمة والهوان هو صخرة يتحطم عليها كل مستبد وأن شعبا يستمسك بحقه في الحرية لن ينال منه ظالم فلن يرضى بالمذلة إلا الذليل ولن يقنع بالخنوع إلا جبان ولن يستسلم للقهر إلا العبيد أن الذين يحسبون أن الاستبداد هو مصدر الاستعباد واهمون والذين يظنون أن القهر هو السبيل للعبودية مخطئون والذين يرون أنه لا سبيل لمقاومة الطغيان مهزومون والذين يرفعون شعارات الاستسلام لقوى القهر منافقون والذين يرددون مزامير النفاق للطاغية كاذبون وليدرك أولئك جميعاً أنه لولا الاستسلام لما وجد الطغيان ولولا الاستعباد لما وجد الاستبداد ولولا سكوت الناس على الظلم لما وجد ظالم ولولا العبيد لما وجد الأسياد ولولا رضاء الناس بالقهر لما وجد طاغية وجلاد.