أصدرت المنظمة الدولية للهجرة تقريرا أكدت فيه أن أكثر من 33 ألف شخص غرقوا وهم يحاولون الوصول إلى شواطئ أوروبا خلال القرن الجاري ما يجعل البحر المتوسط أكبر منطقة حدودية في عدد الوفيات بالعالم وبفارق كبير عما بعدها وجاء تقرير المنظمة التابعة للأمم المتحدة بعد وصول عدد قياسي من المهاجرين خلال الفترة بين عامي 2014 و2017 إلى أوروبا لكنها أشارت إلى أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي ودول المغرب العربي على وقف عبور المهاجرين للأراضي الأوربية حد من تدفق اللاجئين نحو القارة الأوروبية كما ساعد على ذلك انتشار دوريات قبالة سواحل ليبيا تونس الجزائر المغرب.
خلف انتعاش الهجرة السرية عبر قوارب الموت في بلادنا حصيلة ثقيلة من الضحايا حيث قدر حقوقيون أن سواحل الجزائر أزهقت فيها أرواح 11 شخص خلال الشهر الأخير فقط معاناة بلا حدود وكوارث إنسانية مستمرة ويزداد ضحاياها يوما بعد يوم هذه هي نهاية رحلة الباحثين عن مستقبل أفضل على الشاطئ الآخر لكنهم غرقوا مع أحلامهم وابتلعتهم مياه البحر في الفصل الأخير من الحكايات الأليمة.هؤلاء المهاجرون يعيشون أوضاعا مأساوية في الوطن دفعت بهم لتلك الهجرة ولمغادرة البلاد وركوب المخاطر ومنها الأوضاع الاقتصادية باعتبارها من أهم الدوافع المسببة للهجرات الداخلية والخارجية وأكثرها تأثيرا في الأفراد وتتمثل في تدني المستوى الاقتصادي للأفراد الأمر الذي يحد من طموحهم وأمانيهم في عيشة كريمة هناك أيضا الأسباب الاجتماعية والسياسية التي تدفع بالمواطنين للهجرة إلى دول أخرى بحثا عن حرية التعبير عن الرأي وهربا من الاضطهاد السياسي الممارس تجاههم في أوطانهم. فالشباب يخرجون بدافع من اليأس بحثا عن الفردوس المفقود بعد أن تكسرت أحلامهم على صخور البطالة وظلوا ينتظرون دورهم سنوات في طابور العاطلين فشاهدو مستقبلهم عبر رحلة على متن قارب أبحر خلسة من شاطئ بالليل هربا من أوضاعهم المعيشية الصعبة بعد أن تمكّنوا من توفير وتأمين 100 ألف دينار (ثمن الرحلة) التي ينظمها دوريا صاحب مركب يفترض أن يكون نشاطه الطبيعي الصيد البحري فوسطاء رحلات الهجرة السرية في الأحياء الشعبية يتقنون الترويج لرحلاتهم داخل الأوساط الشبابية الفاقدة لفرص العمل فهم أكبر وكالة أسفار إلى الموت معولين في ذلك على منسوب الإحباط والتهميش والبطالة التي يعاني منها شباب هذه الأحياء.
ماذا يفعل الشباب فالحركي من ورائهم والبحر من أمامهم ولافتة كبيرة معلقة في سماء الجزائر مكتوب عليها الحوت خير من الدود.