تعيش البلاد هذه الأيام أزمة اقتصادية خانقة فبالإضافة إلى تذبذب أسعار البترول وهو عماد اقتصادنا شهد الدينار الجزائري انخفاضا مهولا حيث سجلت الفترة الأخيرة مستويات قياسية لم تعرفها البلاد منذ الاستقلال بلغت فيها قيمة اليورو الواحد 138.50 دينار فرويدا رويدا تقترب البلاد فعلاً من حافة الانهيار الاقتصادي في ظل سيطرة شبح السياسات الاقتصادية الفاشلة في بلاد تمتلك احتياطيات نفطية مهمة غير أن الصورة السوداوية اليوم تقلب الموازين رأساً على عقب في أصعب محنة اقتصادية يشهدها الشعب على الإطلاق.
العجز العام في البلاد بين 16 و18% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2017. ووسط هذه الحالة تتراجع قدرة البلاد على الدفاع عن عملتها وتسديد ديونها بشكل متسارع وتشير الأرقام إلى أن إجمالي الديون المترتبة على الجزائر تقارب 30 مليار دولار وسط ارتفاع التكهنات بأن البلاد قد تتخلف عن السداد والتقصير في الدفع في العام المقبل خصوصا إذا ظلت أسعار النفط منخفضة.وقد أنفقت الجزائر قرابة 6 مليارات دولار من احتياطيها من العملات الصعبة في الاشهر الخمسة الماضية ليتراجع هذا الاحتياطي إلى 95.7 مليار دولار أي ما يوازي ثلث ما كان عليه في عام 2008.ومن تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية تمثلت بانخفاض قيمة الدينار بشكل حاد حيث فقد تقريباً كل قيمته أمام الدولار الأميركي ويورو فمنذ بداية العام 2018 وحسب أسعار السوق السوداء، فإن الدينار انخفض بنسبة 70% أمام الدولار الأميركي ويورو وقد خلقت هذه الأوضاع سوقا سوداء للعملة ويعتبر سعر السوق السوداء هو السعر الذي يستخدمه العديد من المواطنين بسبب صعوبة الحصول على موافقة لصرف العملات وفقاً للأسعار الرسمية وعلى هذا النحو فالبلاد تسير إلى التضخم الجامح هو أقسى إشكال التضخم ويعرف الاقتصاديون التضخم الجامح بأنه الحالة التي يزيد فيها معدل الزيادة في الأسعار عن 50% شهريا وهو بشكل عام معدل مرتفع جدا للزيادة في أسعار السلع والخدمات. وعلى ذلك فإن التضخم الجامح هو حالة من التضخم الحاد الذي تأخذ فيه معدلات الزيادة في الأسعار ما يقارب الـ 1300% سنويا أو أكثر. وفي حالات التضخم الجامح الحادة تصل الزيادات في الأسعار إلى أرقام فلكية بحيث تصبح النقود بلا قيمة تقريبا وربما تكون تكلفة الورق الذي تطبع عليه النقود اكبر بكثير من القيمة الاسمية المنصوص عليها على الورقة النقدية. ونظرا لتراجع القوة الشرائية للنقود على نحو خطير يتم تعديل فئات النقود المصدرة من خلال إضافة أصفار إضافية على كل ورقة جديدة يتم طباعتها فبدلا من أن تحمل الورقة قيمة دينار مثلا تصبح 10000 دينار ثم 100000 دينار ثم مليون دينار ثم بليون دينار ثم 500 بليون دينار للورقة الواحدة وهكذا وسيعاني المواطنون بصورة شديدة جدا في حالة وجود تضخم جامح حيث يجدون دخولهم وثرواتهم التي تأخذ صورة نقدية تتراجع على نحو خطير في ظل الارتفاع الفلكي للأسعار ونتيجة لذلك تتدهور مستويات المعيشة للسكان بصورة مأساوية.