التملق أو ما نسميه “التشيات” ماركة جزائرية مسجلة بتنا ننافس فيها المصريين وغيرهم ربما ينزعج البعض من كلامي و يقول أنني أمعن في جلد الذات في ما أكتب عن أبناء بلدي المساكين وأن الجزائريين مجبورون على الاتصاف ببعض الخصائص بسبب كثرة الويلات التي مرت بهم(الحرب والعشرية السوداء وسرقة خيرات البلد).وأنا أقول لهم أن التملق مرض قديم تاريخه يعود إلى العصر الجاهلي عندما كان الشعراء يتملقون لبعض الحكام في سبيل الحصول على بعض الدنانير و بمرور الزمن تطور هذا المرض وبدأ يتغلغل في الجسم أكثر وأصبحنا نرى التملق بشكل مختلف و أكثر شدة وأكبر خطورة.
في عصرنا هذا عدد المتملقين أصبح أكثر وذلك لأن المسؤولين في بلداننا يحبون أن يتملق لهم الناس وأن يصفقوا لهم و يطلقوا الهتافات باسمهم حتى الذين يعتبرون أنفسهم فنانين أصبحوا متملقين ترى فنان يغني لملك أو رئيس أو سياسي ولكن بين ليلة وضحاها ترى ذلك الفنان يغني ضد ذلك الملك أو الرئيس أو السياسي لأن الملك أو الرئيس لم يعد في الحكم أو لم يعطي المكافآت لذلك الفنان وأشهر المتملقين في هذا الزمان الفنان شاب خالد لذلك عندي الحق فالكشف عن بواطن ثقافتنا الاجتماعية لأنه مفيد للخلاص من بعض الظواهر ومن أبرزها التملق للحكام الذي هو نتاج لمرتكزات ونظم نسير عليها دون أن نعي. أول ما يتوجب ملاحظته هو أن التملق قد يكون ردة فعل سيكولوجية لخوف عميق يسكن دواخلنا خوفٌ من سلطة تضطهدنا وليس المقصود هنا سلطة الحاكم فقط بل سلطة الاقتصاد وضغوط الحاضر المزري حاضرنا الذي هو امتداد لماضي أجدادنا الذي لا يزال يضغط على ذاكرتنا الاجتماعية الثقيلة ويورثنا الظاهرة ذاتها. المتملق أو الشيات يجهد لإرضاء من بيديه مفاتيح الحياة والرزق كي لا يسدّها في وجهه ويميته من الجوع أمّا الممسك بهذه المفاتيح فهو الرئيس أو المسؤول أو الإقطاعي والملّاك والرأسمالي هو مديرك في العمل وقائدك في الجيش موظف البلدية الذي يطارد رزقك وصاحب المطعم الذي يمكن أن يطردك لأدنى سبب هذا الخوف المقيم في النفس هو الذي يحرّك المجسات باتجاه إرضاء صاحب السلطة تلك ولو بسفح الكرامة لهذا فإن من السهل ملاحظة أن معدل التملق ينخفض طرديا كلما صار المرء مستقلا عن إرادة الآخرين مستغنيا عن الحاجة لهم ماديا ما يعني أن الظاهرة تنتعش في الوسط الفقير وتغدو شبه طبيعية بين المساكين “الزواولة” أولئك الذين يسألون الله رضى أصحاب السلطة عنهم ويقولون كل حين اللهم أرض عنا ولاتك ما طلعت الشمس وصاح الديك.
بعد شرحنا للموضوع من الناحية السوسيواجتماعية ما هو محل الشاب خالد من التشيات فهو رجل ثري أم أن حتى البحر يطمع بالزيادة لذلك أنا لا أختلف مع الجماهير التي طالبت بمنح الشاب خالد “الشيتة الذهبية” بعد غنائه لمحمد بن سلمان.