إذا أردنا تعریفا صحیحا للأمن القومي فلابد من أن یكون محاربة الفساد السیاسي والاقتصادي من أھم مكونات ھذا التعریف وعدم حصر الأمن في مفھومه البسیط المتعلق بالسلاح والأمن ومحاربة الفساد وحمایة الحدود والمنافذ. ھل یدرك الجزائريون أن عشرة سنوات في ممارسة الفساد السیاسي والاقتصادي تكفي لتدمیر ما تبقى من البلاد وتحولھا إلى دولة مستدینة مع عجز على سداد تلك الدیون. لأن الفساد السیاسي المتحكم في مفاصل الاقتصاد والمال یؤدي إلى ھدر مصادر الثروة ویستھلك موارد البلاد وتآكلھا ویزید من معدلات الفقر وتدني الخدمات ولعل في دولة مثل نیجیریا والعراق دلائل واضحة على الأثار المدمر للفساد السیاسي والاقتصادي.
ستعرف الأيام القليلة القادمة عودة قوية لرموز الفساد وأزلام النظام إلى الواجهة السياسية في البلاد فيما يشكل انتكاسة حقيقية للتغيير الذي يطمح إليه الشعب ويطرح الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة ما يجرى تحديدا حول شعار محاربة الفساد الذي تبناه الرئيس في برنامجه الجديد. فرجوع شكيب خليل يثير هذه الآونة الأخيرة جدلا واسعا بين فئات عريضة من أبناء الشعب ذوي الكفاءات العالية العاطلين عن العمل حول طبيعة الخدمات التي يحتاجها النظام الحاكم منه بعد أن عاث في الأرض فسادا وحول اكبر شركة بالبلاد سونطراك إلى ملكية خاصة. والغريب أن ھناك معلومات تشیر إلى محاولات لبعض السیاسیین تسھیل عودة رموز للفساد ممن كانوا یسرقون أموال الشعب بل وأحادیث في دھالیز الدولة تشیر إلى محاولات سیاسیة لتمریر عقود وتسيير أموال تدعي تلك الرموز أحقیتھا بھا. وإن كان تجرؤھا بالمطالبة بتلك الأموال والعقود یدل على شعورھا بالأمان وربما غیاب التدقیق والتمحیص في ملفات الفساد. لذلك أعتقد بدلا من وزارة إعلام نحن بحاجة إلى ھیئة أو ربما حتى وزارة لمكافحة الفساد وترسیخ الشفافیة أو ھیئة وطنیة علیا مستقلة للشفافیة ومكافحة الفساد تشكل من قضاة وحقوقیین ونشطاء في المجتمع وإعلامیین وصحفیین وخبراء اقتصادیین لمنع رجوع أمثال هؤلاء.
إن إعادة النظام الحاكم الاعتبار لشخصيات يحملها الشارع الجزائري مسؤولية الكثير من الأزمات التي عانى منها البلد في العقدين الماضيين قد يعيد إلى الأذهان فكرة التذمر والشعور بالإحباط لدي جماهير غفيرة من المواطنين توسمت في المشروع الجديد !!! أساسا لتجديد الطبقة السياسية والتغيير الحقيقي.إن اويحيى وحكومته مسؤولون مع كافة أجھزة الدولة على تطھیر مؤسسات الدولة من المدانین بالفساد السیاسي والاقتصادي ومنع تسلل الفاسدین إلى أركان الدولة في كل مستویاتھا الوطنیة والمحلیة رغم انه من ننتظر منهم محاربة الفساد هم الفساد أصلا.