مما لا شك فيه أن ضعف نظام التعليم أحد الأسباب الجوهرية لضعف بلادنا اليوم فالجزائر تحتل مؤخرة الترتيب فيما يخص التعليم مقارنة بمعظم دول العالم وهذه كارثة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن بلادنا تنام على ثروات تقدر بالمليارات من الدولارات لقد نشر برنامج الأمم المتحدة للتنمية في السنوات الماضية تقارير أعدها باحثون عرب يحدد انخفاض المعايير التعليمية كواحدة من الأسباب الرئيسية للتخلف الذي تعيشه بلادنا اليوم.
هناك شبه اتفاق على أن نظام التعليم عندنا فاشل ومع هذا نصر عليه ونخاف من تغييره ولو سألنا عن سبب الخوف لن تجد شيئا يذكر وسوف تجد من يدافع عن النظام التعليمي القائم خوفا من الفشل في علاج الفشل نفس الأمر هناك شبه اتفاق على أن المدارس والدروس الخصوصية من علامات فشل التعليم والتربية ومع هذا فإن كل ولى أمر يرسل أولاده إلى المدارس الخصوصية فوزراء تعليم قليلون جدا هم من اعترفوا بأنهم يرسلون أبناءهم إلى المدارس الخصوصية وحتى هؤلاء الوزراء لم ينجحوا في مواجهة المدارس والدروس الخصوصية التي تبدو أحيانا جزءا من الواقع المفروض من طرف النظام وضمن حالة تواطؤ عام فأغلبية المواطنين لديهم استعداد لدفع مبلغ كبير شهريا على الأقل في المدارس والدروس الخصوصية وليس لديهم استعداد لدفع دينار واحد على المدارس الحكومية فالمواطنين يقولون أن في المدارس الحكومية الفصول تتكدس بأربعين تلميذا في الفصل وهذا سبب عدم الفهم التلاميذ وفي نفس الوقت يرسلون أبنائهم إلى مراكز الدروس الخصوصية ويجلسون في قسم فيه 100 تلميذ كل منهم يدفع مبلغ مهم ويزعم أنه يفهم ما لا يفهمه في الفصل ذي الأربعين تلميذا. نعترف بأن راتب المعلم غير كافٍ وأن أغلبية المدرسين يضطرون للعمل بدروس الخصوصية أو لعمل إضافي لتحسين الدخل والآباء يقبلون دفع ألاف في الدروس الخصوصية ويرفضون دفع عشرات للمدرسة الحكومية لتحسين راتب المعلم وأدوات التعليم وهذه المعادلة هي سبب الخراب.
لماذا النظام متشبث بهذه المنظومة الفاشلة؟ هل هو دور الدولة وحدها أم أن المجتمع هو الآخر مسؤول؟ هذه الأسئلة وغيرها لا أحد يطرحها ولا أحد يريد مناقشتها ولهذا نواصل الحديث عن فشل التعليم ونسبح بحمد الدول الأخرى التي سبقتنا وسوف نختلف كثيرا وسوف نجد من يقف متفرجا أو مشمئزا أمام ما يطرحه وزير التعليم من حلول ترقيعية والبعض سيقول لا شيء سيصلح والبعض سوف يردد كلاما عن اليابان وأمريكا وأوروبا والدول المتقدمة أو يكتفي بإعلان أن ما يجري واقع والسلام وإذا جرت محاولة فرض نظام من أسفل ربما يواجه مقاومة خوفا من الفشل أو خوفا على مصالح يوفرها النظام العشوائي الناتج من تراكمات أنواع وأنظمة التعليم متعددة لأن النظام يعتبرنا مجرد فئران تجارب.