كل الدول تفكر في مستقبلها وأمنها وتعد أبناءها إعدادا صلبا يليق بمفاجآت الغد. فنحن نعيش في عالم يأكل فيه القوي الضعيف، عالم متوحش لا مجال فيه للرحمة، عالم إذا غلبك فيه عدو استباح عرضك واغتصب بناتك ونساءك مع تصوير كل ذلك على أشرطة وتوزيعه على وسائل الإعلام حتى تكون فضيحتك أكبر، ومثال العراقيين لازال طريا في الأذهان لذلك يجب أن يفهم أبناء الجزائريين اليوم أن الغد لن يكون سهلا بالشكل الذي يتصورونه.
ستأتي الأزمنة الرديئة ويجب أن نكون مستعدين لها من الآن. وليس بجيل من العاطلين عن العمل والتفكير سنواجه تحديات المستقبل. وشخصيا أصبحت أنزعج كثيرا عندما يقترب مني شاب في العشرين من عمره يلبس أحسن مني ومع ذلك لا يجد حرجا في أن يطلب مال ليأخذ الحافلة إلى بيته فلقد أصبح عاديا أن يتسول الشباب ذوو الأكتاف العريضة في الشوارع بلا إحساس بالذنب والمصيبة أن بعضهم لا يخجل من توقيف فتاة في مثل عمره ومطالبتها بالمال، وأصبحت بعض الفتيات، من أجل ساندويتش من النقانق وعصير ليمون يقبلن بركوب أول سيارة تقف أمامهن و هذا يعني أن شبابنا يحتاج فعلا إلى برنامج شامل للتوعية ليكون عندنا جيل من صناع القرار وليس جيل يحب الفرار في وقت المعركة.
إستطلع موقعنا آراء العديد من الشباب حول مفهومهم الخاص للرجولة وماذا تعني لهم؟ وبمن يقتدون؟ وماذا ينقص الشباب في هذا الواقع؟ فقال الطالب احمد (سنة ثالثة في كلية الاقتصاد بباتنة) أن الرجولة في نظري هي تحديد موقف واضح مما يجري، وتحمّل المسؤولية أمام أي عقبات تواجه الإنسان، وتحدي الظروف لإثبات الذات. وأعتقد أن الاقتداء بالإسلام المعتدل يعزز من رجولة الإنسان، أما الاقتداء بجاكسون وسبيرز وشاكيرا فلن يقود شبابنا إلا إلى المزيد من الميوعة والتخنث وفقدان الذات والأوطان.
وكان الشاعر الهندي طاغور قد قال حكمة بليغة: سأل الممكن المستحيل أي تسكن فأجابه في أحلام العاجز. وعن هذا تقول حنان بصراحة معظم الشباب الذين نعرفهم ونحتك بهم نجد الكثيرين منهم ذوي شخصية ضعيفة ويعتمدون على أهلهم وعلى الآخرين في أمور قد يستطيع المراهقون حلها، وترى الكثيرين منهم يصابون بصدمات عند تخلي فتاة عنهم وقد يرسبون في الامتحانات أو يتركون الجامعة وأضافت حنان اعتقد أن الرجولة ليست متعلقة بعمر محدد ولكنها تربية على مجموعة صفات حميدة توصل الإنسان لرضا عن النفس ولإثباتها في المجتمع ولذلك أنا أعتقد أن الوفاء بالوعد ومساعدة المحتاج والعطف على الكبير ورحمة الصغير وتحديد الهدف بدقة، والعمل الجاد، كل ذلك له علاقة بمدى شعور وتحقق الرجولة لدى الإنسان.
وتعتبر جميلة أن شباب اليوم بات مشغولاً بالجري خلف الفتيات وتقليد الفنانين ولا يعرف معنى الرجولة الحقيقية وتضيف الرجولة لا تعني أن تكون في سن معينة بل هي تنشئة اجتماعية منذ الصغر تقوم على أساس التسامح وكظم الغيظ والتروي في اتخاذ القرارات الصعبة والصبر وتحمل الصعاب للوصول للمبتغى والهدف المحدد.
وهكذا، تبين الآراء الواردة أعلاه أن الشباب اليوم «تنقصه الرجولة» وتحمّل الأهل مسؤولية هذا «التدهور»، وتدعو إلى اقتفاء أثر رجال أثّروا في هذه الحياة وهذه الأمة فأثروها وجعلوها قوية متينة يهابها الجميع ويعتمدون عليها. وأنا شخصيا اعتقد أن تنمية الإحساس بالمسؤولية يبدأ منذ الصغر، وعلى الأهل التعاطي مع ابنهم بمسؤولية من خلال إجلاسه في مجالس الكبار وتشجيعه على طرح الأفكار وعدم احتقار آرائه حتى وإن كانت خاطئة بنظرهم وتشجيعه على المشاركة في الحوار الذي يعلمه الجرأة ويكون العامل الأساس في تكوينه لكي يصبح رجل المستقبل بحق.