بخلاف دوراته الماضية سيواجه مهرجان تيمقاد هذا العام معارضة شديدة من قبل أحرار الوطن ستصل إلى حد المطالبة بإلغائه بدعوى أنه وسيلة لإهدار المال العام غير أن المشرفين على المهرجان سيتمسكون بتنظيمه باعتباره رمزا للتسامح والانفتاح على الآخر وانه يعطي صورة جميلة عن الجزائر !!! ولكن ميزان العقل والمنطق يقول أن نسبة كبيرة من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر وان نسبة كبيرة من الجزائريين ذوي الشهادات العلمية يعيشون في براثن البطالة وان نسبة كبيرة من الموظفين في قطاعات التعليم والصحة والعدل والبلديات المحلية والقطاع الخاص وغيرها من القطاعات يعيشون بأجور زهيدة لا تواكب التصاعد الصاروخي لأثمنة المواد الغذائية فأحرى الاستقرار الأسري والنفسي وما يتطلبه من سكن ومكانة اجتماعية محترمة وبالتالي فان الأولويات تقتضى الانكباب على حل هذه الإشكالات الاجتماعية المعقدة بدل تبذير الملايير في مهرجان يعتبر حتى إذا اتفقنا على فقراته من الكماليات والترفيه والتي تتحول فقراته في هذه الحالة إلى تدجين وتخدير للبعض و إلى وقود وبمثابة صب للزيت على النار الاجتماعية المشتعلة للبعض الأخر وعليه فالمهرجان مرفوض بميزان العقل والمنطق.
لماذا يريد المنظمون أن يفرضوا (الفرح) كما يقولون على الجزائريين بالقوة وبتبذير الملايير وبمبررات واهية وكأنهم يقولون للشعب الجزائري المناضل من أجل الحرية تعالوا لنلهيكم عن قضاياكم الحقيقة والمصيرية إذن هذا مهرجان أداة إلهاء تجعلهم يعاملوننا كأننا أطفال صغار وكما أنهم يريدون التغطية على كفاح ونضال الشعب من أجل الحرية ويريدون تحريف الأنظار وصرفها عن الواقع الحقيقي للجزائريين ولتقديم صورة الاستقرار وأن المواطنين يريدون الرقص والغناء. وهي مناسبة لنؤكد مرة أخرى أننا نحب الفن والانفتاح على الثقافات الأخرى ودعوة فنانين أجانب إلى الجزائر وهذه أمور مفروغ منها لكن هم يريدون أن يفرشوا لهم الأرض بالدولار على حساب دماء الفقراء.
المنظمين يقولون أيضا أن المهرجان ترفضه أقلية وليس مئات آلاف التي تحج إلى مهرجان تيمقاد كل سنة ولكن هل قاموا بعدهم وهل لديهم من تقرير في الموضوع أنا أقول العكس تماما فأقلية قليلة جدا هي المستفيدة من تنظيم هذا المهرجان ونقول لها أنها لن تنجح في ذلك ونتحداهم أن يكشفوا للصحافة العقود التي يمضونها مع أولئك الفنانين أما الأرقام التي يقدمونها في الندوات الصحفية فهي أرقام غير صحيحة وأين الشركات التي تشرف على الإعداد والتي تشرف على الإشهار وغيرها من المصاريف ولذلك أقول أننا في حاجة اليوم إلى مهرجانات الحرية والكرامة وأقول أنه من حق المجتمعات التي حققت هذه القيم أن ترقص وتغني أما نحن فإننا لم نحققها بعد وبالتالي فهذا المهرجان يشكل تحدي ضد كل أطياف الشعب مستعملين في ذلك الإعلام العمومي في احتكار واضح له سواء المرئي منه أو المكتوب أو المسموع فلماذا كل هذا الاحتكار لمؤسسات الشعب ولماذا لا يفتح الباب للرأي الآخر لكي يعبر عن نفسه حتى لو افترضنا أنه أقلية كما يدعون لنقول للعالم إن الجزائريين مشغولون اليوم بالدفاع عن كرامتهم وحرياتهم إذن فهم الأقلية التي تريد وضع “المكياج” لإخفاء الحقائق بالجزائر. لذلك نحن نطالب بفتح تحقيق حول مالية هذا المهرجان ومحاسبة ومتابعة المتورطين في تبديد المال العام والذين يحاربون الفن الجزائري والثقافة الجزائرية (الثقافة الشاوية الخاصة بالمنطقة) والهوية الجزائرية ويسعون إلى طمسها من خلال تغليب كفة الأجنبي على المحلي وإقصاء الفنانين الجزائريين وغايتهم الوحيد هي جمع الثروات وإشاعة الفساد.
وفي الوقت الذي يفخر فيه منظموا المهرجان بالأسماء الكبيرة التي ستحضره وبالمشاريع الفنية التي ستنظم على هامشه ستتعالى أصوات الأحرار اليوم رافضة لإقامة هذا المهرجان وتعتبره نموذجا للتبذير وإسراف المال العمومي على أمور “ثانوية” في وقت تحتاج فيه البلاد هذه الأموال لضخها في مشاريع تنموية مثل محاربة الفقر وتعزيز البنيات التحتية و دعم الفنانين الجزائريين ويجب على الجهة المشرفة على المهرجان بالتصريح بشكل واضح بالميزانية الحقيقية للمهرجان ونسبة الدعم الذي تقدمه الحكومة وكيف يعقل إنفاق هذه الأموال على فنانين لا يقبلون بالغناء في الجزائر إلا إذ حصلوا على الملايير فالمهرجان هو محاولة لتسويق صورة مغايرة للواقع الجزائري وصرف أنظار العالم عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها البلاد .
في وقت تتداول فيه بعض المصادر أنباء عن تلقي إحدى الفنانات المشاركة في الدورات السابقة لمبلغ 500 مليون يعيش آلاف المواطنين بجنوب البلاد بدون ماء ولا مراحيض بالله عليكم كيف تُصرف ملايين الدولارات على تظاهرات مفرغة من المحتوى ولا أهداف واضحة لها كما هو الحال بالنسبة لتظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية والتي رصدت لها الدولة ميزانية بمبلغ 550 مليون دولار وكانت النتائج هزيلة جدا وكذا المهرجان الثقافي الإفريقي وقدرت ميزانيته بـ 100 مليون يورو والأمثلة عديدة إن البيروقراطية وهيمنة الشخص الواحد والجهة الواحدة وتغليب الخطاب السياسي على العمل الثقافي كلها أسباب تشجع على الفساد والاحتقان الاجتماعي فتقشفوا يرحمكم الله .