هل نتائج هذه الانتخابات التشريعية هامة حتى تستحق الانشغال بها وبما سيترتب عنها من تشكيل للحكومة ؟ أعتقد أن القراءة الفاحصة للواقع السياسي لبلادنا تؤكد أن لاشيء جديد وان نتائج الانتخابات كان يعرفها الأطفال قبل الشيوخ فجميع كان يعرف أن النصيب الأكبر من كعكة الوطن سيكون من نصيب حزب ولد عباس وحزب اويحيى.
داخليا تعيش البلاد الآن أزمة اقتصادية خانقة تبرز تجلياتها في زيادة المديونية الخارجية، وانهيار القدرة الشرائية، وضعف الاستثمارات. هذا إلى جانب الاحتقان الاجتماعي الناتج عن نفض الحكومة ليدها من القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم والصحة، والمراجعة المجحفة لنظامي التقاعد والدعم للمواد الأساسية، والزيادات الصاروخية في مجمل الاقتطاعات الضريبية. أما على المستوى السياسي فهناك طلاق بائن بين عامة الشعب والانشغال بالشأن العام، واحتراب فاحش بين القوى الحزبية المختلفة اتسع مداه بفعل شساعة الفضاء الأزرق الإلكتروني، تتناطح فيه الرؤوس الكبيرة حول الأمور الصغيرة، بعيدا عن هموم الواقع وانشغالات المجتمع، بدل أن تتصارع حول الأفكار والبرامج والمشاريع. لكن المعلم السياسي البارز المرافق لهذه الانتخابات يكمن في هيمنة واضحة للمؤسسة العسكرية على مفاصل الدولة بطريقة غير مرئية لكافة أطياف الشعب وتواجدها المستمر في الواجهة، رغم كل ما قيل عن اتساع صلاحيات رئيس البلاد، وتحمله لمسؤولية إدارة السلطة التنفيذية مع دستور الجديد، فالمؤسسة العسكرية في البلاد ما زالت تملك السلطة تنفيذية في الخفاء، وتتمتع بصلاحيات واسعة، وتتمركز في يدها السلطات، ولا تخضع لأي رقابة شعبية. وينضاف لكل هذه الأجواء الداخلية الغائمة، أجواء إقليمية ودولية مضطربة، بسبب الأزمات المشتعلة والمزمنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ( ليبيا وسوريا والعراق واليمن)، والحرب العالمية على داعش وضلوع ذوي الأصول الجزائرية والمغاربية بصفة عامة في مجمل العمليات الإرهابية مما يجعل بلادنا تحت مجهر المنظمات الدولية وخاصة مع وصول عشرات الألاف من الجزائريين إلى اروبا يطلبون اللجوء السياسي هربا من السجن الكبير.
سواء صوت الشعب أم لم يصوت النتائج معروف من زمان فلماذا كل هاته المصاريف على مسرحية مملة بنفس الوجوه وبنفس السيناريو على الأقل واحتراما لعقولنا الضعيفة كان لازم يكون هناك تغيير في الوجوه ونشاهد ممثلين وكراكيز جديدة فقد مللنا من ولد عباس وأويحيى وغول وسلال.