لقد شهدت بلادنا مؤخرا ارتفاعا ملحوظا في حالات الانتحار مقارنة بأعوام سابقة ، والشباب هم الفئة الأكبر من بين الذين يقدمون على الانتحار ، فمنذ بداية العام 2017 وفقا لمؤشرات الديوان الوطني للإحصائيات بلغ عدد محاولات الانتحار حوالي 2500 حالة ، من بينها 100 حالة كان مصيرهم النتيجة الحتمية للانتحار وهي الموت الفعلي ، وهذا نتيجة لشباب حاصرتهم ضغوط الحياة فوضعوا حدا لإنهاء ماساتهم ومعاناتهم ، وعليه باتت ظاهرة الانتحار تكشف عن وجه جديد للموت ، وباتت تشكل خطرا على مجتمع له خصوصيته المختلفة عن باقي المجتمعات الأخرى .
يمثل الانتحار قمة التراجيديا الإنسانية على مسرح الحياة، حيث يكون فيها بطل المشهد هو القاتل والقتيل في الوقت ذاته ، وأصعب اللحظات هي لحظة تنفيذ قرار الانتحار، تلك اللحظة التي تمثل ذروة المأساة الإنسانية ، حين يختار الإنسان بإرادته الحرة أن يودع الحياة بعدما فقد كل أمل فيها، في حين المجتمعات الإنسانية ترفض خيار الانتحار كحل لازمة الوجود الإنساني …
تنشر وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة و المقروءة باستمرار أخبار حوادث الانتحار التي تحدث بين الحين والآخر في مجتمعنا والحقيقة أنّ المؤشّرات والإحصاءات تدلّ على أنّ حوادث الانتحار تزداد بصورةٍ كبيرة في مجتمعاتنا ولكن من دون أن تشكّل تلك الحوادث ظاهرةً فعليّة كما يحصل في الغرب .
احد أهم أسباب الانتحار الحالة الاقتصاديّة السيّئة التي تمرّ بالنّاس في مرحلةٍ معيّنة من مراحل الحياة؛ فالوضع الاقتصادي الصّعب قد يُشكّل ضغطًا على النّاس وخاصّة حينما يجدون أنفسهم غير قادرين على تلبية متطّلبات الحياة وتأمين قوت عيالهم، فيجدون أنفسهم في محكّ صعبٍ وفتنةٍ كبيرة، فإمّا أن يصبروا على ذلك ويتحلّوا بالإيمان الذي يجعلهم يتجاوزون تلك المراحل الصّعبة في حياتهم، وإمّا أن يجدوا أنفسهم فريسةً للضّعف والأمراض النّفسيّة التي تؤدّي بهم إلى التّفكير بالانتحار والتّخلص من الحياة . ضعف الوازع الدّيني؛ فالوازع الدّيني بلا شك يقي الإنسان من التّفكير في الانتحار ومهما كانت أسبابه لعلمه بحرمته وجرمه عند الله.