بدأ نظام الجنرالات يطلق صرخات الموت ويرقص رقصة الدجاجة المذبوحة لتكون هي رقصته الأخيرة ونهايته الوشيكة فعلى الصعيد الخارجي وبسياسة العسكر الهوجاء فقدنا كل حلفائنا الطبيعيين كفرنسا واسبانيا والروس والصين ودخلنا في عداء وصراعات مع دول الجوار فقد فتحنا خطوط النار في عدة جبهات نحن في غنى عنها اما الأشقاء العرب فلم نعد نملك منهم سوى الجارة الصغرى تونس التي ارتمت في أحضان الجنرالات لتكون هي الأخرى على حافة الهاوية…اما الجبهة الداخلية فحدث ولا حرج احتقان شعبي خانق وانتشار للجوع والفقر والبطالة والدعارة والمثلية والأزبال والأوساخ وامراض معدية فتكت بصحة المواطن وحياته ووسط هذه الأوضاع الكارثية لم يتبقى إلا الطوفان ليغرق عصابة قصر المرادية عن بكرة أبيها.
ففي مشهد يختزل حجم الظلم والاستبداد الذي يمارسه نظام الجنرالات في البلاد على العباد اختارت نساء المعتقلين السياسيين الوقوف في الشوارع ليس للمطالبة بالحرية المطلقة لأزواجهن وأبنائهم بل فقط بمحاكمتهم محاكمات عادلة بعد ست سنوات من الاعتقال التعسفي والتعذيب والترهيب دون أي إجراءات قضائية قانونية ست سنوات كانت كافية لتحول ذويهم من أحياء إلى جثامين أعيدت إليهم كهياكل عظمية تحمل شواهد صامتة على موتٍ مروع سواء بسبب الإضراب عن الطعام أو التجويع الممنهج هؤلاء النسوة خرجن للدفاع عن أبسط الحقوق الإنسانية التي سحقها نظام يقتات على القمع والتجويع لإسكات الأصوات الحرة عصابة الشر التي تدعي تمثيل الشعب تقف عارية أمام العالم كأداة قمعية لا تتورع عن تجويع المعتقلين حتى الموت إنها صرخة أمهات وزوجات رفضن الخضوع لمنطق الطغيان ليكشفن عن الوجه الحقيقي لنظام لا يعرف سوى لغة القمع والظلم ويقف عاجزاً عن تقديم أي ذرة من العدالة لشعبه بل هؤلاء النسوة تعرضن بدورهن للعنف والإرهاب في الشارع العام وقام زبانية العصابة برشهن بمبيدات حشرية وبمواد كميائية اصابتهن بالعمى و ضيق التنفس والإغماء وسط غياب تام لإعلام الصرف الصحي الذي لا يجيد غير التطبيل والتهليل لعصابة تبون الكلب.