هل يحق لنا كشعب ينتمي إلى دولة من عالم الخامس أن نطالب بالديمقراطية وانتخابات نزيهة وهي أعلى درجات التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي إذا كنا مازلنا نعيش نمط إنتاج بدائياً متخلفاً أقرب إلى نمط الإنتاج العصور الوسطى؟ أم أننا يجب أن ننتظر أن نلبي الأساسيات الأولية التي ذكرها عالم لاجتماع والنفس الأمريكي ابراهام ماسلو في مثلثه الشهير؟ حيث يؤكد ماسلو على ضرورة إشباع الحاجات الأولية أو ما يسميها بالحاجات النفسية التي يضعها في أسفل المثلث قبل التفكير بإشباع الحاجات العليا. ويقصد بالحاجات الأولية بالتحديد الماء والهواء والطعام وغيرها من الحاجات الأساسية. وعندما نحصل عليها بإمكاننا عندئذ أن نفكر بالحاجات الأسمى كالحاجة إلى الأمن والحب والاحترام والانتخابات.
لكنني لا أريد أن أبدو من خلال هذا الكلام وكأنني أكرر تلك الكذبة الكبيرة التي خدعنا بها نظام الحركي لعشرات السنين وهي أن الخبز والمواد الغذائية يجب أن تسبق الديمقراطية والتحرر الإنساني. لا شك أن الحاجات الأساسية يجب أن تتوافر للمواطن الجزائري قبل أن ينشد الحرية والقيم العليا حسب التوصيف الماسلوي، لكن يجب أن لا نرهن أبداً الأول للآخر كما فعل جنرالات الحركي بحجة الأولويات، بل علينا أن ننشد الحرية والكرامة الإنسانية في نفس الوقت الذي نناضل فيه من أجل الأكل والشرب وإلا ينتهي بنا الأمر إلى فقدان الاثنين معاً كما هو حاصل في معظم دول الربيع العربي التي قدمت الخبز على الديمقراطية والتحرر الإنساني فانتهى الأمر بشعوبها إلى العودة إلى المربع الأول أو إلى نقطة الصفر فلا تحققت الديمقراطية ولا ضمن الناس قوت يومهم.
إن وعود اغلب الأحزاب المشاركة في المسرحية لجموع الجزائريين بزيادة وتوفير المواد الأساسية أثناء حملتهم الانتخابية يفضح، ربما من غير قصد، تلك السياسات المعمول بها في معظم الدول التي يحكمها العسكر والتي أدت إلى إفقار الشعوب وإذلالها ومحاربتها بلقمة عيشها وجعلها تفكر ببطونها الخاوية أولاً وأخيراً. ولا أدري كيف يمكن أن تبني مجتمعات قوية أو تحرر أرضاً محتلة أو تقاتل الأعداء إذا كان السواد الأعظم من الشعب لا يجد ما يكفي من الطعام كي يسد به رمقه! ألم يقل نابليون إن “الجيوش تزحف على بطونها” أي أن الجندي لا يمكن أن يقاتل إلا إذا كانت معدته ممتلئة.
عندما تشاهد في عملية بيع البطاطا بعدد من ولايات الوطن طوابير لا متناهية ، وصلت لدرجة التدافع بين المواطنين لإقتناء ما يحتاجونه من هذه المادة التي تجاوزت أسعار الكلغ الواحد خلال هذه الأيام 100 دج وذلك بسبب أن عملية بيع البطاطا من المنتج إلى المستهلك مباشرة جعلت السعر ينزل إلى 40 دج وتسأل لماذا انخفض سعر البطاطا بذات في أيام الانتخابات تعرف ان رسالة النظام واضحة وهي كول لبطاطا وبلع فمك .