كل رجال الأعمال الذين قابلهم موقعنا كانوا يائسين من طريقة تسيير الجنرال شنقريحة للبلاد فقد كان قادة سفينة الاقتصاد هؤلاء في مزاج سيئ لأن الاقتصاد الجزائري يسقط سقوطاً حراً ولقد بدأ التراجع الشديد الذي تشهده البلاد حالياً منذ حوالي خمس سنوات وذلك عندما شرع الجنرال شنقريحة في فورة إنفاق غير مستدام واستدان الأموال لإسرافها على الأسلحة والمشاريع العملاقة الوهمية ومما زاد الطين بلة توسع دور الجيش في الاقتصاد بشكل كبير خلال هذه الفترة فضيّق الخناق على القطاع الخاص وأعاق الاستثمار الأجنبي المباشر.
الجنرال شنقريحة أغرق الجزائر في مستنقع عميق فمنذ انتخاب الرئيس تبون في عام 2019 ازداد دين الدولة الخارجي بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل قيمته إلى أكثر من 160 مليار دولار مستحقة لدول مثل الصين وروسيا وايران وسيتم هذا العام تخصيص نسبة 45 في المائة من ميزانية جزائر لخدمة الدين الخارجي وفي الوقت نفسه وصلت نسبة التضخم إلى ما يقارب 30 في المائة بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال هذا العام بنسبة تفوق 60 في المائة ويقيناً أن الجنرال شنقريحة ليس وحده المسؤول عن هذا التدهور فقد زاد وباء “كوفيد-19” في سنوات الماضية والحرب في أوكرانيا من إرهاق الاقتصاد الجزائري فتضرر قطاع المحروقات 92 في المائة من “الناتج المحلي الإجمالي” وارتفعت أسعار السلع الأساسية وخاصة المواد الغدائية وفي هذا الإطار قدمت دول الصين وقطر في العام الماضي مبلغ 22 مليار دولار بشكل استثمارات وودائع في “البنك المركزي” لتغطية العجز الحكومي المتكرر وتحقيق استقرار الوضع المالي في البلاد ولكن كما حدث سابقاً في عمليات الإنقاذ الخارجي لم ينجح الدعم في إيقاف الأزمة ويواجه الجنرال شنقريحة منعطفاً هاماً حيث وقّع في شهر الماضي على اتفاق آخر مع روسيا ينص على تسليم مبلغ 3 مليارات دولار نقداً ومبلغ 14 مليار دولار إضافي محتمل في شكل استثمار وتمويل وهي مبالغ مستحقة لصفقات خردة الأسلحة الروسية ووفقاً لذلك تم تعويم الدينار الجزائري للمرة الثالثة وانخفضت قيمته بنسبة 50 في المائة حتى الآن إلا أن الجنرال شنقريحة لم ينفذ بعد تعهده بالحدّ من سيطرة الجيش على ما تقدر نسبته بحوالي 50 إلى 90 في المائة من الاقتصاد حيث تجدر الإشارة إلى أن تدفق رأس المال الدولي مرهون بسحب الاستثمارات العسكرية من الاقتصاد وتحقيقاً لهذه الغاية نشرت الحكومة في العام الماضي قائمة بنحو 32 شركة مملوكة للجيش سيتم بيعها ولكن سرعان ما تلاشت التقييمات الأولية الإيجابية لهذه المبادرة إذ تبين أن أسهم الأقلية وحدها كانت معروضة للبيع وعلى الرغم من أن بعض الأصول المعروضة قد تكون مغرية إلّا أنه من غير المرجح أن يندفع المستثمرون الدوليون إلى الاستثمار في مصالح غير مسيطرة في شركات مملوكة للدولة والتي تعمل بشكل ملتبس وربما مبالغ في تقييمها لهذا جميع الخبراء اتفقوا على أن الجنرال شنقريحة يقود البلاد الى الانهيار.