ليس عيبا أن نعترف بمظاهر الخلل في مجتمعاتنا وإنما العيب هو أن نغطي عليها ونتركها تنخر عظام المجتمع وتستفحل يوما عن يوم لان ظاهرة الأمهات العازبات مثار قلق في المجتمع الجزائري وإشكالية عويصة أثارت جدلا كبيرا لدى الجزائريين على حد سواء. عموما يجب على الدولة أن تخرج من نطاق الطابو أو المسكوت عنه وتتجاوز كل الخطوط الحمراء وكل هذا في سبيل إيجاد حلول لهذه الظاهرة والتي تنخر مجتمعنا أو حتى التقليص منها فعوض أن نعالج الظاهرة في أوانها نجد أنفسنا أمام تراكمات يصعب حلها.
كل علاقة غير شرعية هي علاقة محرمة ولا نقاش في ذلك ولكن هناك بعض الظروف أن يقع ذئب بشرى على فتاة بريئة وتتحمل وحدها المسؤولية ولو أنها في كثير من الاحيان تتحمل جزءا من المسؤولية ونحن نعلم أن أي عقاب شرعي لابد أن يكون بثوابت تؤدي الى أن يستحق الجاني عقابه وهي لا يمكن أن تطبق التطبيق الكامل لأن الظروف التي تؤدي الى أن يقع الناس في علاقات محرمة متاحة ومتوفرة والضحية هي التي تحمل وتلد وهي التي تتعرض لعواقب وخيمة ولذلك يجب أن تحمى وتهيأ لها ظروف العيش الكريم لأن الله سبحانه وتعالى كرم بني آدم وحملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا.
عندما يقع الفأس وقع في الراس فلا مفر من مواجهة المشكل بأحسن الحلول لذلك يجب حماية الأم العازبة وأن توفر لها ظروف مناسبة حتى لا تكون فريسة. وأتذكر هنا واقعة وقعت في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه حين اعتدى أحد على فتاة بريئة بخدعة لئيمة خسيسة فحملت ووضعت فأخذ سيدنا عمر الطفل بعد أن تحقق من ظروف ولادته وبراءة أمه وعهد به إلى أسرة تنشئه على نفقة بيت مال المسلمين وطالبهم بتقرير دوري عن حالته ومعيشته ثم زار والد الفتاة وطلب منه أن ينفرد بها وعلم منها ظروف الخديعة التي تعرضت لها وخرج إلى والدها وقال له إن ابنتك فتاة كريمة طيبة فصنها وارعها وإذا جاء من يستحقها فزوجها له ونفقة زواجها على بيت مال المسلمين. أظن أن مغزى هذه الواقعة واضح في الدلالة على ما تستحقه أولئك الأمهات العازبات من رعاية وصيانة وحسن عناية لهن ولأولادهن ومن جنى جناية على نفسه أو غيره وثبتت عليه هذه الجناية فإن للقانون أن يتصرف بما يمليه الضمير الانساني والشرع الاسلامي الذي لا يقبل الظلم .
وقبل ان تقع الفأس في الراس يجب ان نحصن مجتمعنا عن طريق التربية وعن طريق العلم ومصاحبة الاباء لأبنائهم ومعاملتهم معاملة حسنة لكي لا تبحث البنت عن الحنان في الخارج اما ان سكتنا عن الظاهرة فربما بعد 10 اعوام يصبح لدينا ثلثي المجتمع مجهول النسب.