عرفت بلادنا في الاونة الاخيرة انتشارا غير مسبوق لجرائم عنف غير عادية هزت المجتمع بسبب طبيعتها ودوافعها انعكس ذلك جليا على ارتفاع حوادث القتل ونوعيتها التي بلغت حد قتل الأب لأبنائه وقتل الأخ لشقيقه وقتل الأزواج والزوجات بعضهم بعضا والمدهش في الأمر ليس فقط في دوافع الجريمة ولكن في أسلوب تنفيذها الذي أظهر بجلاء بشاعة الجناة خصوصا عندما يكون الضحايا أطفالا صغارا الأمر الذي أفقد المواطن العادي الشعور بالأمان بعد أن صار القتل يتم في المنازل ومن الأقارب الذين لا يتوقع منهم إنسان غدرا أو سوءا. وأمام تكرار هذه الحوادث وأمام حقيقة أن المجتمع يتغير بفعل الزمن والسياسة والسلوك والبيئة ومع انتشار الثالوث المرعب الفقر والبطالة والفراغ كان لابد لنا من وقفة ننبه فيها المجتمع إلى ضرورة مواجهة هذه الظاهرة قبل أن تتحول إلى كارثة حقيقية خاصة بعد أن كشفت الأحداث أن الجناة ليسوا مجرمين محترفين ولكنهم مجرمون بالصدفة قضت العوامل السابقة على كل أمل لهم في التغيير خاصة مع زيادة الهوة بين الطبقات الاجتماعية وتآكل الطبقة المتوسطة التي انكفأت على ذاتها وتراجعت عن أداء دورها في إحداث التوازن الطبيعي في المجتمع بحيث لم يصبح العلم أو العمل هما مقياس التفوق بل أصبحت القدرة على السلب والنهب والفساد والاحتكار هي عناوين الحياة في مجتمعنا البائس.
ان الإعلام يلعب دور كبير فيما وصل اليه حال المجتمع بما يبثه من مواد مسموعة ومرئية فهو يزيد الطين بلة في المجتمع حيث لا حدود ولا مرجعية فالمهم هو الإثارة والمكسب ولو على جثة المجتمع وأفراده. وخاصة أن ما يبثه الاعلام لا يختص بشريحة اجتماعية دون أخرى ولذلك يجب ان تتعاون مختلف مؤسسات المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والإعلامية والتي يجب أن تتضافر جميعها لمواجهة المشكلة ليكون الأمان الهدف الواقعي الذي يسعون لتحقيقه لنرقى بمجتمعنا نحو الافضل