رغم الحديد والفوسفاط والذهب والنحاس والعديد من المعادن النفيسة والنفط والغاز فان الدولة العميقة لنظام الحركي تقتلنا تفقرنا تدمر بلدنا يوما بعد يوم و هذا ما أكده التقرير الدولي الذي نشرته محطة BBC البريطانية حيث كشفت في وقت سابق عن وجود ثلاثٍ وعشرين بالمئة من الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر . و لكن كثيراً ما يسأل المواطن نفسه عن هذا التناقض الذي لم يجد له جواباً منذ العشرات من السنين.
هناك المئات من الاسباب لفقرنا منها ما يكون طافياً على السطح من السهل إكتشافه و منها ما يغور تحت الأعماق لا يمكن إكتشافه إلا بالتنقيب و البحث الدقيق . في الحقيقة هناك الكثير الكثير من المفارقات و التناقضات كثيراً ما يقوم المواطن بطرحها لكي يجد لها جواباً كافياً يقنع فيه نفسه و الآخرين حتى لا يقع في دوامة البحث و التشكيك و المتاهة و الضياع و في هذه المفارقات العجيبة يجد المواطن الجواب الكافي لكل الاسئلة و المعادلات الرياضية التي تحير ذهنه بين الحين و الآخر و عندما يجد الجواب أو السبب في مأساته فأنه سرعان ما يبدأ بالتذمر و الشكوى و ألسب و اللعن تارة و الإتهام و الهجوم المباشر و الغير مباشر تارة اخرى دون أن يصل إلى حل جذري للمشكلة أو بالأحرى المصيبة الكبرى التي حلت به.
فعندما يموت المواطن بسبب البرد في بلد غني بالنفط و الغاز فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إن هناك سبب و السبب هو الفساد سواء كان هذا الفساد اداري أو إجتماعي أو أخلاقي . و عندما يتخرج الطالب من الجامعة و ينال الشهادات العليا و لم يجد أمامه فرص مناسبة للعمل و يضطر بعدها للعمل كسائق تاكسي أو ينخرط في سلك الجيش أو الشرطة فهذا هو عين الظلم و الفساد الإداري و الإجتماعي . و المفارقة العجيبة هي أنه عندما نجد طبالا أو سكير ارعن قد تحول بين عشية و ضحاها إلى مدير ناحية أو مسؤول كبير أو وزيراً لكي يثبت لنا بأن الفساد لا حدود له و إنه بحد ذاته داء ليس له دواء . و عندما نجد نفس الشخص قد ظل في نفس المنصب لسنوات و لم يستبدل بأحد غيره فهذا خير دليل على الظلم و الفساد و الدكتاتورية.