ظلم نظام الحركي مهما امتدّ به الزمن وطال لا بدّ من سقوطه وانزلاق كل منتسبيه إلا هاوية الاقدار. ولكنّ هذا السقوط مرتهِن بخطوة بل خطوات من قِبل الذي يعاني من هذا الظلم. والشعوب مهما كانت لغتها أو دينها أو لونها وعرقها هي وحدها القادرة على دحر الظلم أو استمراره. ولأننا في بلدنا لم نتعود ان نشاهد الشعب ينقلب على حكّامه فيغير الأنظمة ويزيح رئيس. لذلك كنا نتابع ثورات الشعوب الأوربية وتغييرها لأنظمة الحكم في بلدانها و كنّا نُصاب بالغيرة حينما نجد أن رأس الهرم في تلك الدول يُجرّ إلى المحاكم ويُحاسب إذا ثبت خطأه أو تجاوزه أو استغلاله لصلاحيات الوظيفة في أموره الشخصية. وكم كنّا نُصاب بالحسرة ونحن نرى الحكومات لديهم تُنجز وتُنجز وتُنجز وفترات حكمها مليئة بالنتائج الإيجابية ورغم ذلك لن نسمع قصيدة تمدح ذلك النظام أو تلك الحكومة ولا مقالا يحصي إنجازاتها بل ربما لخطأ بسيط تجد تلك الشعوب تثور ثائرتها ويُطالبون بإقالة الحكومة ويتهموها بالفساد ولنا من الأمثلة ما لا يُعد ولا يحصى.
لماذا في بلدنا نجد أن الرؤساء ما إن يصلون لسدة الحكم حتى يتملكون ويملكون وتصبح البلاد ومعها العباد شيئا من الممتلكات. وأصبح من واجب الشعب صبح مساء الدعاء للرئيس وأسرته وشكرهم وتبجيلهم وتعظيمهم وإذا ما خرج صوتا منتقدا أخطاء هذه الأنظمة وهي كثيرة كحبات رمل البحر إما أن يسحقه النظام فيُخفيه من على الوجود أو يعترض طريقه المنافقين والشياتين ويحاكون ضده أبشع المؤامرات ويسقطونه في أفخاخ لا خروج منها.
التغيير خير علاج للفساد والطغيان. وخيرٌ للشعوب أن تغيّر من نفسها وترقى بمطالبها حتى يغيّر الله ما لهم وما عليهم ويرتقي بهم. لا خير في أمّة تتخلى عن أبسط حقوقها ولا خير في سلطة دين أو سياسة أو اقتصاد ترى في الشعوب والجماهير أغناما تُحركها كيفما قضت الضرورة خدمةً لمصالحها وطموحاتها السياسية. ولعلنا في الجزائر وفي خضّم نتائج المنتخب في كاس افريقيا نرى من الحكومة إستغلالها لتغطي حقائقها أمام الشعب بما يحفظ لها مكانتها ويُشغل الناس عن قضايا أهم كالغلاء والشغل وهو الأمر الذي نجحت فيه إلى الآن مع أنها لم تُعلن للشعب عن الصفقات التي تُعقد باسم الشعب وقيمتها ومدى أثرها ونفعها على البلاد والعباد وكأن المواطن مجرد كتلة مشاعر توّظف وفق ما تتطلبه ضرورات الحكومة وأولوياتها التي يبدو أن المواطن ليس ضمن قائمتها.