كثر في هذا الزمان العلماء الذين يفتون حسب أهواء المسؤولين الفاسدين فيحرمون ما يضرهم ويبيحون ما فيه مصلحتهم متخذين من قاعدة دفع الضرر حجة لهم وينتقون من الآيات والأحاديث ما يتناسب مع مصالح المسؤولين الفاسدين متغاضين عن بقية الأدلة التي تتعارض معهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من بدا فقد جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلاطين افتتن وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا ازداد من الله بعدا).
اتباع العالم لهواه والسير في هوى الخلق في مخالفة حكم الشرع سواء اتباعه لهوى المسؤولين الفاسدين او غيرهم مدعاة للفتنة والضلال. وعلماء السوء من شر خلق الله وأفسدهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان. لأن العلماء إن لازموا المسؤولين الفاسدين لم يسلموا من النفاق ولم يصيبوا من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينهم أغلى منه وهذه فتنة عظيمة للعلماء وذريعة صعبة للشيطان عليهم سيما من له لهجة مقبولة وكلام عذب وفصيح إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه أن في دخوله على المسؤولين ووعظهم ما يزجرهم عن الظلم ويقيم الشرع ثم بمجرد إن يدخل العالم على المسؤولين الفاسدين حتى يبدأ يداهن ويطري وينافق فيهلك ويبيع دينه.
الدخول على الحكام وعلى المسؤولين الفاسدين والتزلف إليهم وتولي المناصب هو الذي أهان العلم والعلماء وقسى قلوبهم حتى صارت أقسى من الصخرة الصماء. ورحم الله سليمان بن مهران الأعمش القائل شر الأمراء أبعدهم من العلماء وشر العلماء أقربهم من الأمراء.