في الدول المتقدمة والتي تعطي قيمة لمواطنيها يكون فيها القضاء مستقلاً كي يحفظ استقلالها ويؤسس لطمأنينة شعوبها وإرساء موازين العدل والحق ومحاصرة الباطل ومحاربة الظلم ومجابهته لأن دوام الدول واستقرارها ما رفرفت في سمائها رايات العدل والمساواة فالعدل كما قالوا أساس الحكم ففي ظله تشهد ازداهاراً وتطوراً وتقدماً في كل مناحي الحياة فحياة الأمن تفجر الطاقات والمواهب وتستفز الهمم العاليات وتستنفر الجمع في التنافس في البناء والعطاء…
وفي الجزائر القضاء في خدمة الجنرالات هذا ما أدى إلى اختلال صورة النظام وذهاب هيبته وخروج الجزائريين عليه فمع غياب العدل والحق في الجزائر وكثرة انتشار صور الظلم والمحسوبية جعل الجنرالات يلجئون إلى ما يحاولون من خلاله تثبيت سلطانهم فلن يجدوا أمامهم إلا اللجوء للحلول الأمنية بقهر الجزائريين وجبرهم واستعبادهم بحكمهم بدل أن يعمدوا لإصلاح الجهاز القضائي فهم يحاولون للأسف أن تخضع رقاب المواطنين لقضائهم الفاسد وظلمهم المقنع بأحكام قضائية فاسدة مما يزيد من سوء الأحوال ويفاقم من الشكوى والتذمر ويرفع منسوب الخوف والقهر المصحوب بفقدان عناصر الأمن والأمان وبهذه الحالة تكون العلاقة بين النظام والشعب متوترة قائمة على التوجس والخوف وسوء الظن وهي أجواء خانقة قاتلة لكل أنواع الحياة بصورها الصحيحة وفساد القضاء يعني بالضرورة كما أشرنا انتشار الظلم وغياب العدل وكلاهما مما تهلك بهما الدول وتفسد الأنظمة وتسوء الأحوال وتعم البلوى وقد ذكرها ابن خلدون رحمه الله في مقدمته الشهيرة المعروفة بمقدمة ابن خلدون بقوله فساد القضاء يفضي إلى نهاية الدول وقوله الأخر الظلم مؤذن بخراب العمران.