إنشغال الوالد عن الطفل
في الكثير من الأحيان، حتى ولو لم يكن الوالد يعمل خارج البلاد، فإنه يخرج في الصباح إلى عمله والطفل نائم، ويعود في وقت متأخر والطفل نائم، وحتى إذا عاد في وقت يكون فيه الطفل ما زال مستيقظاً من الممكن أن يكون الأب مرهقاً بسبب العمل، لا يشعر أنه بإمكانه التواصل مع الطفل بل إنه بحاجة إلى الراحة والاسترخاء، وهنا أيضاً لا يستطيع بناء علاقة صحية معه. أما غذا كان الوالد يعمل خارج البلاد، فهو يتواصل مع زوجته وأطفاله من خلال الهاتف ومكالمات الفيديو، ولكن يحصل أيضاً أن يكون هناك اختلاف كبير في التوقيت بين مكان تواجد الأب ومكان تواجد أسرته، فيكون التواصل مع الأبناء صعباً أيضاً، وهم لا يرونه بشكل مباشر إلا خلال الإجازة. وحتى في الإجازة، بعض الآباء يمضون أوقاتهم مع العائلة الكبيرة وفي زيارة الأهل والأصدقاء مما لا يفسح لهم المجال للحضور الحقيقي في حياة أبنائهم.
تأثير الإنشغال الدائم للأب على الأطفال
العدوانية والإنطوائية: أثبتت الدراسات التربوية أن الطفل الذي لا يتواصل مع والده ضمن إطار صحي وعلاقة سليمة غالباً ما يكون منطوياً على ذاته، يبتعد عن الأطفال الآخرين الذين يعيشون حياة طبيعية في كنف أسرهم، ويكثر التفكير في الأسباب التي تقف وراء انشغال والده عنه، وفي بعض الأحيان يصبح هذا الطفل عدوانياً تجاه أقرانه وتجاه جميع من يحيط به نتيجة القلق والشعور بالحرمان من جراء انشغال والده عنه.
الصعوبات التعلمية: إن هذا القلق والتوتّر الذي يشعر به الطفل بشكل مستمر يؤثر سلباً في قدرته على التركيز والتعلم وفي تطوّره الدراسي، فتتراجع نتائجه في الدراسة، وهذا في بعض الأحيان يزيد العلاقة سوءاً لأن الوالد بدل أن يحاول فهم مشاكل ولده، يوبّخه بسبب تراجع علاماته المدرسية.
الحرية المطلقة: عندما يكون الأب مشغولاً عن أبنائه لا يتواصل معهم، فإن الأم بمفردها لن تتمكن من السيطرة على سلوكهم بشكل محكم مما يمكن أن يؤدي بهم مع الوقت إلى الإنحراف إلى سلوكيات غير سوية.