تشهد فنزويلا حاليا أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل، فالتضخم ونقص كل من المواد الغذائية والأدوية يهدد الشعب الفنزويلي بالمجاعة ويتركه ضحية نظام صحي متدني.
الحرمان من وسائل منع وعدم رغبة النساء في إنجاب أطفال لا يستطعن إطعامهم جعلهن يأخذن قرارا جذريا.
فمنذ شهور والمحلات التجارية شبه فارغة، والمواد القليلة الباقية تباع بأسعار خيالية، والسيناريو نفسه تشهده الصيدليات. فبعد الانخفاض الكبير لسعر البترول، يعيش هذا البلد أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، حيث الشعب هو الضحية الأولى. فقد أصبح من الصعب على المواطنين إطعام أنفسهم وعلاج مرضهم، مما دفعهم إلى ملئ الساحات كل يوم لمطالبة الحكومة بالتحرك، وأخذ زمام المبادرة، إما بتنحية الرئيس الحالي نيكولا مادورو، أو بطرق أخرى تضع حدا لهذه الأزمة.
وبما أن وسائل منع الحمل، سواء الحبوب أو الواقي أصبحت غير موجودة، والإجهاض غير قانوني في البلاد، والمرأة الفنزويلية فير قادرة على المخاطرة بالحمل إنجاب طفل ليعيش هو الآخر هذه الأزمة، مما جعلها تلجأ للحل الأخير وهو التعقيم عبر ربط قناة فالوب.
” إنجاب طفل في الوقت الحالي، يعني تعذيبه” تقول روتيرز ميلاغروس، فنزويلية أنجبت مؤخرا طفلها الثاني، مما جعلها تقف كل يوم لساعات أمام المحلات بحثا عما يسد جوع عائلتها.
وها هي اليوم تنوي استقلال الحافلة التي ستنقلها لمستشفى العاصمة، حيث تنظم أيام التعقيم، وتخضع النساء للعملية الواحدة تلو الأخرى.
حين تم إطلاق هذه المبادرة، كان الطلب كبيرا جدا، لذا تم تحديد شروط معينة للاستفادة من العملية، بأي يكون الدخل قليلا جدا، وأن يتجاوز عدد أطفال المرأة، مما جعل الكثير من النساء في لائحة الانتظار التي تحتوي على أكثر من 500 امرأة.
ومازال الطلب مرتفعا في كل أنحاء البلاد، مما جعل بعض النساء يلجأن إلى العيادات الخاصة، بدل المصحات العامة، و يدفعن ما قد يصل إلى دخل عام كامل من أجل هذه العملية. ثمن باهظ جدا يدفعنه خوفا من إحضار طفل آخر إلى هذا العالم، كي يعيش هو الآخر نفس المأساة، في بلد حاضره مظلم و مستقبله مجهول.
تقول ييسي أسانيو، التي تبلغ من العمر 38 سنة و أم لطفلين، أنه في الماضي ما أن يسمع الجميع خبر حملك فإنهم يفرحون لك و يهنئونك، أما الآن فالجميع يستنكر حملك، لأنه رغم كل الحب الذي قد نعطيه لأطفالنا، فإنجابهم في مثل هذه الظروف يعتبرا قرار غير واع على الإطلاق.
و في نفس الوقت، يخشى الكثير من العاملين في القطاع الصحي و الاجتماعي، انعكاسات هذا القرار الذي يعتبر قرارا مصيريا لا رجعة فيه، و خوفهم من ندم هؤلاء الأمهات، خصوصا في حال تحسنت الأحوال مستقبلا، فيحاولون توجيههم نحو وسائ المنع الأخرى الموجودة بقلة في السوق السوداء.