إن تضخيم تكاليف المشاريع بطريقة مشبوهة يعد أبرز عمليات وسلوكيات الفساد المالي. ويقود تمتع بعض رجال الأعمال أو كبار المسؤولين ببعض الصلاحيات ذات العلاقة بالصرف على المشاريع العامة أو الخاصة إلى تشويه الصرف على هذه المشاريع، وذلك إما عن طريق تضخيم قيمتها أو خفض المعايير النوعية لهذه المشاريع أو خفض حجمها ويقود الفساد إلى إعطاء أفضلية لمشاريع أقل أهميةً، أو تنفيذها في مناطق أقل احتياجاً وأحياناً ليست في حاجة لها، أو لخدمة مجموعات سكانية أو أفراد معينين. وهذا كله يقلل من جدوى الإنفاق على المشاريع العامة والخاصة ويخفض فعالية استهداف مجموعات سكانية أو مناطق جغرافية معينة.
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور لمصنع تركيب السيارات خاص بمحي الدين طحكوت المتواجد بولاية تيارت وحاويات الاستيراد التي يستقبلها، والتي اثارت ضجة عارمة منذ يومين حول ما تحمله من سيارات شبه جاهزة وتساؤل الكثيرين عن ما يقوم به مصنع تركيب السيارات المملوك لطحكوت. وفي سياق الموضوع كان الرئيس المدير العام لمجمع طحكوت محي الدين طحكوت قد كشف أن حجم استثمار مشروع مصنع هيونداي الجزائر، الكائن مقره بتيارت بلغ 340 مليون دولار، وهو مبلغ مهم، 40 بالمائة تم تمويله من حساب مجمع طحكوت، و60 بالمائة الأخرى من القروض البنكية(أموال الشعب) مع العلم أن المصنع الجديد مملوك بنسبة مائة بالمائة لمجمع وأضاف طحكوت أن المشروع سيساهم بشكل كبير في القضاء على البطالة !!!وامتصاصها بولاية تيارت وحتى عبر جل ولايات الوطن، كاشفا في السياق عن توظيف 470 شخص في مناصب مباشرة ودائمة، وإمكانية خلق ألاف المناصب الأخرى بشكل غير مباشر في المرحلة المقبلة. وفي إيطار فضيحة الصور كشف وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب عن إرسال لجنة تفتيش مختلطة إلى مصنع طحكوت بتيارت من أجل تفقد مصنع السيارات “هيونداي” التابع لمجمع طحكوت.
لا بد من الاعتراف بأن ثقة المواطن مهزوزة في الأرقام والمبالغ التي ترصد للمشاريع وأن هذه المبالغ في ظنه تتسرب إلى بعض جيوب المنتفعين الفاسدين وأن ما يصرف من الباطن على المشاريع أقل كثيراً وكثيراً من المبالغ المعتمدة كما لا بد من الاعتراف بأن هذه الثقة لا يمكن أن تعود دون أن يكون هناك ضحايا يتم التشهير بهم وعقابهم على رؤوس الأشهاد وأن هذا لا يمكن له أن يتم قبل أن تبادر الهيئة العامة لمكافحة الفساد إلى ضرب الرؤوس الكبيرة من أولئك الذين رتعوا وتربعوا على عروش الفساد ليرتدع أولئك الصغار الذين ما زالوا مبتدئين يتلمسون ثدي الفساد.