بعد خراب مالطة الجنرالات أقالوا احمد اويحيى والأمين العام للإتحاد الوطني للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدهم السعيد …أن الإستقالة تعني الفرار من تحمل مسؤولياتهم وواجباتهم اتجاه الفساد والخراب الذي تركوه بالجزائر..وهذه الأفعال تدخل في خانة الهروب إلى الأمام كوسيلة لاستدرار عطف الآخرين أو الكيد لهم.. وباختصار شديد فانها سياسة تؤدي دورا مهما في تضليل الناس وهي سياسة تقوم على الهروب من قراءة الواقع والأسباب الحقيقية لأي أزمة ومن ثم وضع الحلول السياسية المنطقية والواقعية لها والاستعاضة عن ذلك الانتقال إلى الخطوة التالية بتراكمات مشاكل السابقة وفي كل الأحوال فان النتائج الكارثية تزداد ولا نجد أي حلول لما سبق.
في الجزائر أفراد وهيئات تمارس هذه السياسة ببراعة شديدة بل الإبداع في هذا الهروب بكل أنواعه و أشكاله و صفاته و ميزاته و الغريب في الأمر هو القدرة على تكييف الهروب ليصبح عملا ينم على الجرأة و إقدام بل و ربما مروءة و ليصبح في بلادنا الأمر الأكثر انتشارا والأسهل تبريرا و ربما الأقل كلفة والأسرع وصولا هو ما يطلقون عليه تجاوزا الهروب إلى الإمام..فإذا كان الهروب إلى الخلف هو التخلص من وضعية ما عن طريق التراجع فإن الهروب إلى الإمام هو القفز على الحقيقة واختراع أوضاع جديدة تبريرا لتقصير ما وتجاوزا لخطأ قاتل أو الانتقال لوضعية الهجوم المعاكس و عندما يقصر أي شخص في عمله يأتي بقضية خارجية لتصبح في مكان القضية الأصلية التي قصر فيها و تعطى الأولوية لها و عندما يعجز أي مسؤول عن مجاراة الفساد يتهم بعض القوى بأنها تريد التخريب والاتهامات جاهزة طبعا… كما عندما يفشل من يصنفون أنفسهم في خانة المعارضين أو النشطاء في أي نقاش منطقي فإنهم يهربون إلى الأمام من خلال تجاوز القضية محور النقاش والإتيان بقضية أخرى تكون في العادة لا علاقة لها بالحدث و يبدأ الحديث عن المؤامرات الكونية و تحميل الدولة أو من يخالفه القول و الفعل كل الخطايا وحتى يخفي التقصير يهربون إلى الأمام ويأتون بفعل آخر مفاجئ وأياً كانت الجهات التي تحددها بوصلة الهاربين إلى الأمام فإن الدافع أولا وأخيرا هو البحث عن النجاة والعثور على مجالات حيوية جديدة وتبريرات أبدع الجميع في الجزائر في استغلالها وبقدر ما كان الهاربون إلى الإمام يجيدون المراوغة واختزال أخطائهم وتبريرها وعكس نتائجها بالقدر الذي تتقلص فيه إمكانية اختراع الكذب يوما بعد يوم لذلك يا جنرالات فرنسا لقد اقترب يومكم.