يحكى أن ملك الفرس أرسل وفدا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما حل وفد الفرس بالمدينة بدئوا يبحثون عن قصور خليفة المسلمين عمر معتقدين أنهم سيرون الجنان وسيجدونه وقد أعد له متكأ بين رذاذ الماء المتطاير من الشلالات محاطا بالخدم والحشم متمترساً بين الحراس والجنود فسألوا أهل المدينة أين ملككم؟ فأجابوهم ليس لدينا ملك بل لنا أمير وقد ذهب إلى ظاهر المدينة فذهبوا في طلب عمر رضي الله عنه فرأوه نائما في الشمس على الأرض فوق الرمل وقد وضع عصاه كالوسادة والعرق يتصبب من جبينه فلما رأوه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلوبهم وقال احدهم رجل تهابه جميع الملوك وتكون هذه حاله !! ولكنك عَدَلت فأمِنْت فنِمْت يا عمر.
وأجدني اليوم أهمس في آذان كل من تربع على كرسي المسؤولية وقد استطاب دفئه الصوفي . من منكم أيها المسؤولون أخذ العبرة من الفاروق ؟ من منكم بات ليلته مرتاح البال قرير العين وقد قام بما يمليه عليه ضميره فأعطى للأرملة حقها فقفلت راجعة بعد إذراف الدمع بابتسامة عريضة وقد استعادت الأمل في الحياة من منكم مسح دمعة اليتيم بعدما أحس بالوحدة بين الذئاب البشرية؟ من منكم التفت إلى ذلك العجوز القابع في إحدى أركان المدينة المنسية يقاوم شراسة الشتاء بجلد أعزل ؟ من منكم اشترى لحافاً صوفياً وغطى به جسداً مهملاً منسياً حفرت فيه الحياة أودية وأخاديد ؟ أم أن الجشع والطمع أنساكم إنسانيتكم فدبت القسوة فيكم وماتت الآدمية في دواخلكم؟ أيها المسؤولون من منكم ترك أريكته الوتيرة الدافئة وشارك الفقراء مرارة الشتاء وحرارة قيظ الصيف الحارق؟ من منكم جلس مع المحتجين والمتظاهرين من الأطباء والأساتذة والجنود المتقاعدين والعمال من مختلف الفئات ليتحاور معهم ويعدل في قضاياهم فعندما يتوفر العدل في مجتمع فإنه يهيئ المناخ المناسب لإيجاد الشاب المنتج والمواطن الصالح والمحبة والإخاء بين المواطنين وهذا كله سيحدث إن كان عندنا مسؤولين صالحين وعادلين فلخليفة العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أطعم الجياع فلم يبقي جائع وزوج الشباب فلم يبقي عازب وقضي الديون فلم يبقي مدين ونشر الحبوب على أسطح المنازل لتأكل الطير فلما سئل في ذلك قال حتى لا يقال أن الطيور قد جاعت في عهد عمر بن عبد العزيز..!!.
في بلادنا القانون وجد ليطبق على الفقراء وثروات الوطن يستفيد منها ثلة من الأسر الانتهازية ذوي الأصول الاستعمارية لذلك في كل الولايات المظاهرات والاحتجاجات والسبب بسيط وهو العدل مفقود في بلادنا.