مصالحة جديدة، ومصالح جديدة، هكذا يمكن وصف الوضع في فلسطين في الوقت الحالي بعد دخول مصر في صفقة أثارت الكثير من المداد.
وقامت مجلة “كريستيان ساينس مونيتور” بنشر تقرير حول هذه المصالحة “التاريخية”، إذ أفادت :” الاقتتال الداخلي تسبب بمقتل 600 شخص، بحلول ربيع 2007 تحول ذلك الاقتتال إلى حرب باردة وانقسام في السلطة، حيث سيطرت حركة حماس على السلطة في قطاع غزة، فيما تولت حركة فتح السلطة في الضفة الغربية”، مستدركا :” بالرغم من الجهود المتكررة للمصالحة من عدد من الأطراف الإقليمية، فإن الطرفين بقيا في مأزق، مشيرة إلى أن مصر، المتلهفة لاسترجاع مكانتها الإقليمية في الشرق الأوسط، بصفتها صانعة قرار، ستستضيف جولة جديدة من المحادثات هذا الأسبوع، حيث أن المسؤولين في حركة فتح توجهوا إلى غزة الأسبوع الماضي لأول مرة منذ ثلاثة أعوام، وعقدوا اجتماعا مشتركا للحكومة، و”يبدو أن هناك تحولا في مواقف الطرفين”.
وواصلت المجلة الأمريكية :” حركة حماس، التي تضم جناحا سياسيا وآخر عسكريا، وتصنف على أنها منظمة إرهابية من كثير في المجتمع الدولي، قالت إنها مستعدة لتقديم بعض التنازلات؛ مدفوعة برغبتها في التخلي عن عبء حكم غزة للسلطة التي تسيطر عليها حركة فتح”، مفيدة :” الظروف في قطاع غزة، حيث يعيش حوالي مليونا شخص في أكثر بقاع العالم اكتظاظا، مأساوية، فنسبة البطالة تصل إلى 40%، وهناك حصار مفروض عليها من إسرائيل ومصر، بحيث يصعب على السكان استيراد حاجاتهم الضرورية، وحتى العلاج خارج القطاع، أضف إلى ذلك انقطاع التيار الكهربائي اليومي ونقص المياه”، مبينة :” بالنسبة لحركة فتح، فإن عقدا من الانقسام ساعد الحكومة الإسرائيلية على القول إنه ليس هناك شريك لمناقشة السلام معه، لافتة إلى أنه بالنسبة للفلسطينيين جميعا، فإن المصالحة ستعني أنه أخيرا يمكن لحكومتهم أن تتحدث بصوت واحد؛ للتعامل مع الشأن الداخلي، والمساعدة في تحقيق هدف إقامة الدولة”.
ونوهت المجلة :” أصعب القضايا هي مسألة الذراع العسكري لحركة حماس، حيث نشأت حركة حماس بصفتها حركة مقاومة، مشيرة إلى أن إيجاد معادلة تؤدي إلى تخلي المقاتلين عن السلاح سيكون صعبا، وقد يوضع جانبا حتى يتم التوصل إلى صفقة مصالحة، حيث لدى حركة حماس آلاف المقاتلين والقادة معظمهم في كتائب القسام، التي قادت الحرب مع إسرائيل والقتال مع حركة فتح عام 2006 و2007″، مذكرة :” اللاعبين الرئيسيين في هذه المصالحة هم حركة حماس وحركة فتح ومصر وإسرائيل، أما حركة حماس فتجد نفسها في مرحلة مفصلية وتحت الضغط؛ بسبب الوضع المتدهور في قطاع غزة، بالإضافة إلى أنها تبحث عن داعمين ماليين في المشهد السياسي الجغرافي المتغير في الشرق الأوسط”.
وأكدت “كريستيان ساينس مونيتور”:”لطالما اعتمدت حركة حماس على الدعم الإيراني والسوري، لكنها تحولت إلى الاعتماد على قطر وتركيا بعد الربيع العربي عام 2011، واستثمرت قطر حوالي مليار دولار للمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية وغيرها من الخدمات في غزة، لكن قاطعتها عدد من جاراتها الخليجيات حديثا؛ بحجة أنها تدعم مجموعات متطرفة وإيران، فحركة حماس الآن بحاجة للدعم الدبلوماسي من مصر، التي كانت تدفع نحو محادثات المصالحة، وقامت حركة حماس رسميا في سبتمبر بحل حكومتها المدنية في غزة”، ناقلة عن المدير السابق لـ”يو أس آيد” في الضفة الغربية بالقول :” لم تبد حركة حماس اهتماما أو مقدرة على التصرف بصفتها حكومة محلية.. بل انتقلت من حلقة إلى أخرى في البناء العسكري والتصعيد ضد إسرائيل.. وتهدأ الأمور لفترة ثم يكون هناك محاولة للتصالح، إنها حلقة محزنة جدا”.
وأشارت المصادر ذاتها :” قرار عباس الضغط على حركة حماس بقطع رواتب موظفيها في غزة، وعدم دفع فواتير الكهرباء، نتجت عنه تنازلات من حركة حماس، لكنه أوضح أنه لن يقبل بأن تحتفظ حركة حماس بقوتها العسكرية، منوهة إلى أن حركة فتح تقوم بالتركيز على الحكم، كما يفعل حزب الله في لبنان، وقد تكون شعرت بالضغط الشعبي للمصالحة، بالرغم من مخاوفها، مثل إسرائيل، بأن المصالحة قد تقوي من شوكة حركة حماس في الضفة الغربية”، لافتة :” إسرائيل لطالما اعتبرت حركة حماس عدوها الأول، وأنها مصممة على تدمير الدولة اليهودية، ودخلت معها في ثلاث حروب، مستدركا بأن وجود عنوان واحد تتعامل معه إسرائيل أمنيا مع السلطة الفلسطينية هو سلاح ذو حدين، فقد يجعل التنسيق الأمني أسهل، وقد يؤدي إلى الهدوء المتوخى من جبهة غزة”، قبل أن تستدرك :” ذلك يضعف من حجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي يلجأ اليها لتبرير عدم الدخول في مفاوضات، وهي عدم وجود شريك للتفاوض ما دام الفلسطينيون منقسمين، بالإضافة إلى أن التعامل مع السلطة وهي متوافقة مع حركة حماس ينافي موقف إسرائيل الثابت من أنها لن تتعامل مع حركة حماس”.
وختمت “كريستيان ساينس مونيتور” تقريرها بالقول :” في مصر يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتحسين صورته وصورة مصر، بصفتها قائدة للعالم العربي، ويرى في أداء دور الوسيط طريقة لتحقيق ذلك”.