في ندوة صحفية أعقبت جلسة التصويت على مخطط عمل الحكومة،أكد الوزير الأول، أحمد أويحيى، أن الحكومة ستعمل على إقناع الشعب و المعارضة بالعمل و بالأدلة و هي الخطوة التي شرع فيها منذ الآن، من خلال الرد “بالحجة و الدليل” على تدخلات بعض أحزاب المعارضة، خلال مناقشة برنامج عمل الحكومة الذي حاز اليوم الخميس على المصادقة بالأغلبية الساحقة.
أكد الوزير الأول أن رده على تدخلات “المعارضة المتشنجة” التي “شتمت الحكومة ووصفتها بالمافيا و دعتها للرحيل” خلال المناقشة التي استمرت على مدار ثلاثة أيام متواصلة، كان “بالدليل والحجة”، معتبرا بأنه “كان على الحكومة الرد على هذه المعارضة لأن الديمقراطية تعني حق كل شخص في التعبير الحر”، ليضيف قائلا “أنا ليس من طبعي أن أعطي الخد الأيسر حين أتلقى ضربة من الخد الأيمن”.
و في المقابل، عرج الوزير الأول على المعارضة “المتحضرة” التي وجه لها الشكر على مواقفها، مؤكدا أن الحكومة ستعمل على إقناع الشعب والمعارضة، “بالعمل وبالأدلة شهرا بعد شهر”.
و في إجابته على سؤال يتعلق بغياب عدد من النواب عن جلسة التصويت على مخطط عمل الحكومة، حيث تم تسجيل 63 وكالة بالتصويت، قلل السيد أويحيى من أهمية هذا الأمر، حيث أرجع غيابهم بالدرجة الأولى لأسباب إدارية محضة باعتبار أن بعضهم في نفس الوقت هم مسؤولون ولائيون في أحزابهم، يعكفون في الوقت الحالي على الإشراف على القوائم الانتخابية للانتخابات المحلية المقبلة، و قال بهذا الخصوص أن هذه المسألة ستجد حلا في إطار النظام الداخلي الجديد للمجلس الشعبي الوطني.
كما كانت المناسبة فرصة أيضا طمأن من خلالها الوزير الأول بأن الجزائر “ستستمر في تقدمها اقتصاديا و اجتماعيا”، تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و ذلك بالرغم من انتقادات “محترفي المعارضة” الذي دأبوا على وصف برامجه التنموية على مر السنوات ب”الفاشلة، مستعرضا مختلف الإنجازات المحققة تحت رئاسته، حيث قال “جزائر الرئيس المجاهد بوتفليقة، ستستمر في التقدم وفي تحسين ادائها”، مذكرا بأن رئيس الدولة “يحظى بالتفاف الشعب الجزائري و بالجيش الوطني الشعبي حوله، من حيث هو قائده الأعلى”.
وبعد أن ثّمن تدخلات نواب أحزاب “الأغلبية الرئاسية” بشأن محتوى المخطط، خاصا بالذكر جبهة التحرير الوطني و التجمع الوطني الديمقراطي و تجمع أمل الجزائر و الحركة الشعبية الجزائرية، دون إغفال كتلة النواب الأحرار، و التي أضاف إليها تدخلات “المعارضة المتحضرة”، التفت الوزير الأول إلى من نعتهم مرة أخرى بـ”محترفي المعارضة” و الذين جاءوا ـ كما قال ـ بلغة تضمنت “أشد العبارات”، كوصفهم للنظام الجزائري بـ”المافيوي” والدولة الجزائرية بـ”المارقة”.
و قال في هذا الشأن : “الشعب الجزائري لا يمكنه نسيان غياب هذه الجماعة عندما كانت المعركة من أجل الديمقراطية، حيث طلب منهم فقط المشاركة في حوار، فرفضوا المشاركة والجلوس الى جانب البعض الذين أصبحوا اليوم حلفاء لهم”.
و تابع بنفس النبرة “لا ينسى مناضلو الأمازيغية غيابكم عن التصويت في ساعة الحسم، عندما جاء رئيس الجمهورية باقتراح لترسيم الامازيغية كلغة وطنية و كذا غيابكم عن التصويت عندما جاء أيضا بتعديل (دستوري) لجعل هذه اللغة وطنية و رسمية”، مضيفا بأن “الشعب الجزائري يتابع مواقفكم ويكفينا أن نرى كيف أن مناضليكم يهجرونكم ويهجرون التشدد الذي لا معنى له في سياستكم”.
كما انتقد السيد أويحيى في رده أيضا، معارضة أخرى قال عنها بأنها “تاهت عن مسار المرحوم الشيخ محفوظ نحناح” (الرئيس الأسبق لحركة مجتمع السلم)، الرجل الذي وصفه بـ”القائد الوطني الذي فضل الجزائر حتى على مصالحه الشخصية، حين قال بأن الجزائر بلد الجميع و يبنيه الجميع”، مضيفا بأن “البعض من أبناء هذه العائلة لم يعرفوا اليوم موقعهم و لم يحددوا مبتغاهم، هل يطلبون ثورة أو حوارا أو مشاركة؟”.
و لم يفوت الوزير الأول المناسبة ليرد على الانتقادات القادمة من خارج قبة البرلمان، في إشارة ضمنية إلى نور الدين بوكروح، حيث قال أن هذا الأخير “لا يظهر إلا مثل كسوف الشمس وقد عاد اليوم الى الساحة وهو ينادي بثورة شعبية، بالرغم من إدراكه بأن الشعب لن يصغي إليه لأنه لم ينس عندما وصفه بعبارة +غاشي+ (عبارة مقزمة متداولة في اللهجة الشعبية تحمل معنى الرعاع)، غير أن هذا الشخص ينتظر أن يعاقبه النظام ليصبح زعيما”، غير أن النظام “غير مبال به تماما”، يقول السيد أويحيى.
و تطرق السيد أويحيى أيضا إلى مجال مكافحة آفة الرشوة التي أكد أنها “لا تحتاج إلى تهريج بل إلى المثابرة و المزيد من الشفافية”، مضيفا أن مخطط عمل الحكومة “سيعزز الشفافية” في هذا الاتجاه.
كما حاز قطاع السياحة على جانب من رد السيد أويحيى على انشغالات النواب حيث دعا إلى “تغيير الذهنيات و العودة للتقاليد السياحية التي كانت تتميز بها الجزائر في السنوات السابقة، مبرزا حجم الاستثمارات التي خصصتها الحكومة للقطاع منذ 2011 و إلى غاية شهر يونيو الفارط، حيث “تم إنجاز 369 فندق من طرف المتعاملين الخواص مما سمح بتوفير 30.500 سرير و فتح 5 فنادق عمومية كبرى مكنت من توفير حوالي 2000 سرير”.
كما أشار من جهة أخرى إلى عدد من المشاريع التي سيتم انجازها لاحقا في قطاع السياحة و يتعلق الامر بإنجاز” 582 فندق من طرف متعاملين خواص”.
أما فيما يتصل بالمنظومة التربوية فقد سجل السيد أويحيى عزم الحكومة على استدراك النقائص المسجلة في مجال الخدمات التي يقدمها قطاع التربية، داعيا الجميع إلى زرع “ثقافة الأمل والابتعاد عن لغة انكار الإنجازات المحققة”.
وفي هذا الصدد، ذكر بأن الدخول المدرسي الجاري شهد استقبال أزيد من 9 ملايين تلميذ موزعين على 27 ألف مؤسسة تعليمية، مشيرا في ذات المنحى، إلى طبع “65 مليون كتاب مدرسي، وزع منها 95 بالمائة إلى غاية 10 سبتمبر 2017”.
و عاد إلى مسألة حذف البسملة من الكتب المدرسية، عدا كتاب التربية الدينية، حيث قال “غياب البسملة في كتاب مدرسي جراء خلل مطبعي لا تعد قضية أساسية و إن كانت تعتبر كذلك بالنسبة للسياسيين (…) و قناعتي أن المواطنين والمواطنات همهم الوحيد هو نوعية تدريس التلاميذ”، منتقدا في نفس الوقت بعض الهجومات التي “طالت حتى عقيدة وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت”.
و في سياق آخر، تطرق الوزير الأول إلى الجالية الوطنية بالخارج حيث أعرب عن إرادة الحكومة في تعزيز الحوار مع ممثليها، نافيا بالمناسبة أن يكون التعديل الدستوري الأخير قد حرم أبناء الجالية من حقوقها أو انتمائها للوطن، مضيفا أن القانون وضّح طبيعة المناصب المعنية بضرورة توفر صاحبها على الجنسية الجزائرية وحدها و هي ما تقارب عشرة وظائف.