إن الحكمة التي بنيت عليها فكرة الكسوة تعود إلى كونها من شعائر الله التي أذن بتعظيمها كما ذكر في القرآن الكريم وهذا الأمر يأتي أيضا إظهارا لعزة الإسلام وأهله وترهيبا للأعداء وكان العرب بالجاهلية يتسابقون لنيل شرف كسوت الكعبة فكان يكسوها ميسورو العرب وملوكهم وعامتهم بكل ما تيسر، إلى أن جاء الإسلام فتحمل الخلفاء هذه الكسوة وتباروا في تصميمها وإتقان صناعتها وجودة موادها كي تليق بمكانة الكعبة وعظمتها عند المسلمين. وكان أول من كسا الكعبة بالحرير الأسود هو الخليفة العباسي المهدي الذي أمر ألا يوضع عليها غير ثوب واحد، بعد أن كانت الكسوة تتراكم عليها حتى كاد بناؤها يتداعى. وانتقلت المسؤولية بعد ضعف العباسيين إلى سلاطين مصر خاصة أيام الفاطميين ثم المماليك، ثم انتقل أمرها إلى العثمانيين، ليعود بعد ذلك إلى المصريين أيام دولة محمد علي باشا حيث أنشئ عام 1818 مصنع دار كسوة الكعبة في حي “الخرنفش” بالقاهرة، وكانت تحمل من هناك سنويا إلى مكة في احتفال كبير يسمى “المحمل”.
و ككل سنة، يعمل عشرات من الحرفيين بجد في مصنع كسوة الكعبة في مكة المكرمة لتجهيز الكسوة السوداء المطرزة بالذهب لتغطية الكعبة المشرفة وتحاك الكسوة من الحرير والقطن وتزين بآيات من القرآن الكريم تخط بخيوط ذهبية. ويبلغ وزن الكسوة نحو 670 كيلوغراما لتغطي الكعبة بأكملها ويجلب الحرير الذي تصنع منه الكسوة من إيطاليا، أما الذهب والفضة الذي يزين قماش الكسوة فيجلب من ألمانيا، وتقدر تكلفة الكسوة الواحدة كل عام بنحو ستة ملايين دولار.