اعتبرت مجلة “فورين أفيرز” أن الحملة التي شلتها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بجانب مصر على قطر، لم تزد سوى الطين بلة، إذ دفعت منطقة الشرق الأوسط إلى المزيد من النزاعات بعد فرضها الحصار البري والبحري على الدوحة متهمة إياها بالتعاون من الجماعات الإرهابية والعلاقة مع إيران، عدو السعودية رقم 1.
وقالت الصحيفة تعليقا على تطورات القضية :”قائمة المطالب، التي لم يتحقق منها أي شيء، بحلول 2 يوليو، لم تكن قوية، ومبرراتها واهية، بشكل يكشف ضعف المقامرة السعودية، التي ظهرت من عدم رد قطر على أي منها”، مضيفة :”في ظل غياب الخطة البديلة لدى دول الحصار، فإن الأزمة ليست مرشحة للتصعيد، إلا أنها ستدخل حالة من الشلل الدبلوماسي، الذي سيستمر لفترة طويلة، وسواء قام مجلس التعاون الخليجي بفرض عقوبات جديدة على قطر أم لا، فإن أطراف الأزمة سيضطرون للتنازل لبعضهم”.
وأشارت “فورين أفيرز” :”الحملة التي قادتها السعودية اتسمت منذ البداية بالكثير من التخبط والعثرات، حيث دفعت قطر إلى أحضان كل من إيران وتركيا، فحاجتها للطعام والمواد الأساسية بسبب الحصار جعلت من تركيا وإيران المصدر الرئيسي لها، وهو ما منح إيران فرصة لتحقيق منافع اقتصادية، بالإضافة إلى تقوية العلاقات الدبلوماسية القطرية الإيرانية”، معلقة :”بسبب غياب الرؤية الواضحة، فإن السعودية أجبرت جارتها الصغيرة على (الخروج) من منظومة مجلس التعاون الخليجي، الذي لن تعود إليه في حال انتهت الأزمة؛ لأن الجارة قطر تشعر بأن القيادة الجديدة في السعودية لديها ميل للمبالغة في استخدام القوة”.
وتابع التقرير :”لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن قيام السعودية بمعاقبة قطر أثر على مستقبل مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي مستقبل منطقة الخليج، فالكويت مثلا لم تشارك في الحصار، بل قام أميرها بجولة مكوكية بين دول المنطقة، في محاولة منه للتوسط وحماية مجلس التعاون من الانهيار،”مظاهر قلق السعودية من دعم قطر للجماعات المتطرفة حقيقية، بالإضافة إلى رغبتها في تقليل علاقة الدوحة مع إيران، والمفارقة هي أن علاقة الإمارات العربية المتحدة بإيران أقوى من علاقة الدوحة معها، فالمطارات الإماراتية مغلقة أمام الطائرات القطرية، لكنها ما تزال مفتوحة أمام الخطوط الجوية الإيرانية، وتم التسامح مع الإمارات وعلاقتها مع طهران؛ لأنها لم تؤثر في الهيمنة السعودية على الخليج، وفي المقابل نظر لقطر على أن لديها طموحات أكبر من حجمها، وتقوم بالتأثير على التسيد السعودي”، ليعلق :”الخطأ السعودي بالمحفز الرئيسي للأزمة، وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “الذي قادت لهجته المتشددة تجاه إيران هذه الدول لمعاقبة جارتها، مع أنه كان يستطيع انتهاز فرصة وجوده في الرياض، ومقابلته معظم زعماء الدول العربية والإسلامية، لمناقشة سبل الحرب ضد تنظيم الدولة، فالحديث المتشدد ضد إيران جرأ على ما يبدو السعودية، وزاد من احتمالات مضاعفة قطر جهودها لدعم التطرف والشراكة مع طهران وأنقرة، وأرسل التحرك ذاته رسالة غير صحيحة لإيران”.
ولفت التقرير الأمريكي :”هذه اللهجة المتشددة جاءت في وقت اعترفت فيه إدارة ترامب بأن الاتفاق النووي، الذي وقعته الإدارة السابقة، مستمر، والتزمت طهران ببنوده، وأكد مستشار الأمن القومي أتش آر ماكمستر ووزير الخارجية ريكس تيلرسون لرئيس الكونغرس بول ريان هذا الأمر، حيث قال تيلرسون في أبريل: (تؤكد هذه الرسالة أن الشروط الواردة في بند 135 من قانون الوكالة الذرية للطاقة لعام 1954، وكما هي معدلة بما في التعديل الوارد في الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 ، وكما تم تفعيله في مايو 2015 قد تم الوفاء بها حتى أبريل 2017)، ولو استمر ترامب في التقليل من شأن الاتفاق مع إيران، فسيأتي اليوم الذي تبدأ فيه بالتحايل عليه، أو التخلي عنه وإن بشكل جزئي”.