قامت صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية بنشر تقرير تطرقت فيه للصمت الكبير الذي يحيط بالقصر الملكي في المغرب فيما يخص أحداث الريف والتي تزداد اشتعالا مع الوقت، معتبرة ان الملك محمد السادس يملك خيارين لا ثالث لهما، وهما إما التسامح مع الثورة والموافقة على المطالب الاجتماعية، أو التوجه نحو استخدام القوة وقمع الاحتجاجات.
وقالت الصحيفة الفرنسية في تقريرها :”الملك محمد السادس يقف في الصف الأول أمام مطالب الحراك الشعبي الذي تعيشه منطقة الريف منذ 8 أشهر، بعد أن فشلت الحكومة ووجهاء المنطقة وحتى الأحزاب السياسية في حل الأزمة”، مذكرة :” الناشط وقائد الاحتجاجات، ناصر الزفزافي، البالغ من العمر 39 سنة الذي يعمل في صيانة الهواتف المحمولة، نشر فيديو على الويب توجه فيه بخطاب ناري مباشر للملك المغربي. وعلى خلفية هذا المنشور، تم اعتقاله لا لشيء إلا لأنه تجاوز المحظور وخالف العرف عند مخاطبته للعاهل المغربي، مثل هذه الأعمال تبقى مستحيلة الحدوث ولا تخطر بالبال قبل “20 فبراير”، الموعد الذي اختاره المغاربة سنة 2011 للقيام بربيعهم العربي، في حراك تسبب في إجراء إصلاح دستوري معمق درس بعناية من قبل المخزن”.
وتابعت الصحيفة :” على الرغم من أن السلطة ما زالت تمسك بزمام الأمور والملك محمد السادس يسيطر بإحكام على مجالات واسعة في الاقتصاد، إلا أن ذلك اليوم تسبب في إطلاق شرارة العديد من الاحتجاجات الشعبية في السنوات الأخيرة وكسر حاجز الخوف وأزاح اللجام عن الأفواه، وأهمها ما حصل في الحسيمة”، مشيرة :”الملك منذ جلوسه على كرسي المُلك سنة 1999 منح سكان الريف عدة امتيازات لم تكن لهم في السابق. ونقلا عن الكاتب حسن نجمي فإن “الملك قد خدم الريف خاصة على المستوى الثقافي بعد أن دعّم اللغة الأمازيغية، محاولا إيجاد تصالح نسبي ولو بصورة رمزية”.
وأكد التقرير الفرنسي :”الملك الجديد أصبح يزور منطقة الحسيمة كل سنة، وهو ما لم يفعله والده طيلة فترة حكمه، إلا أن زيارة محمد السادس للمنطقة هذا الصيف ستحدث ضجة كبيرة. وفي هذا الصدد، صرح المؤرخ، المعطي منجب، بأن المخزن يحسن المناورة، فرده على الثورة كان جراحيا، حالة بحالة، إذ يعتقل المتظاهرين أولا، فيقمعهم ويخوفهم، ثم يبتزهم، وبعد ذلك يقدم لهم الهدايا، ثم يشوه سمعتهم”.
ونقلت الصحيفة عن أحد المحللين المغاربة قوله :”إن القصر يعتبر نفسه مسيطرا على الوضع، فلا نرى حالة اضطراب بين مستشاريه كما حدث في سنة 2011، فهو يعتقد أن الأزمة نشبت في مكان واحد ولن تتسرب إلى غيرها من المناطق في المملكة المغربية”، مذكرة :”يوم العيد سيكون يوما حاسما إذ سيلقي فيه “أمير المؤمنين” خطابه المعتاد، ومن المتوقع أن تجتمع حشود كبيرة في الحسيمة منتظرة هذا الموعد. فإن اختار الملك إرضاء الجماهير الغاضبة فسيعلن عفوه عن متظاهري الريف، البالغ عددهم 130 معتقلا، وسيفتح الباب أمام المفاوضات حتى إطلاق الزفزافي وأصدقائه. وبالتالي، سينزع العاهل المغربي الجانب السياسي عن المظاهرات الغاضبة”.
ووصلت “ليبيراسيون” إلى نتيجة مهمة وهي :” هذا سيحصر الحراك الشعبي في المطالب الاجتماعية والاقتصادية فقط، وسيرضي هذا القصر والحكومة. وسيتم على إثره مواصلة مشاريع البناء المبرمجة في الحسيمة، والمتمثلة في إنشاء مستشفى وجامعة وسد وطرقات، بالإضافة إلى توفير مواطن شغل في مجال التدريس”، مختتمة تقريرها بالقول :” اختار محمد السادس مواجهة الحراك الشعبي في الحسيمة بالقوة، فإنه سيلقي على عاتق وجهاء المنطقة حملا ثقيلا قد لا يقدرون عليه، وسيضطر إلى فرض وجود عسكري لمدة طويلة ما سيهدد سلمية الحراك وينشب عنه قمع متزايد للثورة الشعبية. وبهذا يكون محمد السادس قد سار على خطى أسلافه بدأ من محمد الخامس”.