الانتخابات في بلادنا عبارة عن بابا مفتوح على مصراعيه يفضي بك إلى دوامة (وهم الإصلاح) الذي لا يبدأ إلا لينتهي، والذي سرعان ما يستسلم للكبار وذوي المصالح والنفوذ ويسميهم بغير أسمائهم، والذي يأخذ من المواطنين الموْجُوعين بقهر العيش ليضع في جيب الحركي وخدامه ومحيطه، والذي يقبل بأن يظل الحكم تسلطا واستبدادا يدور حول الفرد لا أن يصبح حكم شعب يملك سلطته وزمام أمره، فإن (الإصلاح من الداخل) لا يعدو أن يكون كلمة تقال لا حقيقة لها على الأرض، ومطلبا ينال من مصداقية القائلين به مقابل دعم مجاني لنظام يأبى الإصلاح.
هي الحكومة السادسة في عهدة سلال وهو أيضا الرقم القياسي العالمي في رئاسة الحكومات فبقاء سلال في منصبه يؤكد ما سبق أن قلناه، وقاله غيرنا من المنصفين، من أن الانتخابات في الجزائر لا تؤدّي الدور الذي تعارفت عليه الدنيا، ومن أنها محطة للبهرجة والتسويق الخارجي وآلة للإلهاء والتنفيس الداخلي،وضحك على الذقون . فما يقع اليوم يضع خيار الإصلاح من الداخل في النفق المغلق والطريق المسدود مجددا؛ ذلك أن محاولة التغيير من داخل قواعد النظام المغلق، التي يضعها مهندسوه، ستبقى دائما محكومة بالفشل الكلي، وإن ظن أصحابه النجاح الجزئي أو اللحظي، فقواعد اللعبة عند الحركي مصاغة لضمان الاستمرار بنكهة التغيير في حال الضرورة وبقاء الاستبداد بلباس الديمقراطية عندما يقتضي الحال.
في حين لا يدع سلال رئيس الحكومة مناسبة تمر دون أن يناشد المواطنين أن يصبروا على للدولة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد والمطالبات العديدة من الحكومة والمسئولين للمواطنين بالتقشف، إلا أن هناك مليارات الدينارات تُهدر هباءً إما بالفساد أو الإهمال أو التقاعس، وإما بالتواطؤ وبحسب خبراء فإن إهدار الأموال له وجوه عدة أبرزها المشاريع التي تمت بدون جدوى اقتصادية حقيقية أو جراء الفساد في العديد من قطاعات الدولة، والتباطؤ من قبل الحكومة في استرداد الأموال المهربة إلى الخارج.
هربت أموال الشعب إلى الخارج، أما أموالهم في الداخل فلا تزال تتعرض لأكبر عملية سطو ونهب لم يشهد التاريخ لها مثيلاً لأن الأجهزة الرقابية نفسها المسئولة عن الحفاظ عليها بات بعض أفرادها مشاركين في نهبها والسطو عليها، فكم من قاضٍ ضُبط متلبسًا بالرشوة أو التجارة في الممنوع وغير ذلك من الجرائم، بل أن الفساد وصل إلى رأس هرم السلطة و باعتراف الكثير من رجالات النظام السابقين. أموال بالملايين بل المليارات تُهدر هباءً إما بالفساد أو الإهمال أو التقاعس، وإما بالتواطؤ أو العجز عن المواجهة، بينما رئيس الحكومة لا يدع مناسبة تمر دون أن يناشد مواطنيه الذين اكتووا بنار الفساد والغلاء أن يتقشفوا، تاركًا الفاسدين ينعمون بالمال الحرام من دم الشعب المسكين.