بعد توالي الضربات الإرهابية التي هزت قلب أوروبا في الفترة الأخيرة، ظهرت سياسات أمنية جديدة تهدف لحماية أوروبا من تكرار مثل هذه الأحداث.
فقد عرفت أوروبا موجة من الأحداث الإرهابية، خصوصا بفرنسا التي شهدت أحداثا مفجعة بعدة مدن كهجوم نيس (14 يوليو 2016 والذي نتج عنه موت 84 شخص و إصابة المئات)،و هجوم باريس ( في نوفمبر 2015 و الذي أدى لوفاة 130 ضحية)، مما دفع إمانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي، إلى إعلان قرار منع التمويل الخارجي للمساجد لمدة تقارب عشر سنوات، وجاء هذا القرار كمقاربة أمنية جديدة وإجراء وقائي يهدف إلى تضييق الخناق على المساجد ماديا لمنعها من تمويل الحركات الإرهابية. وسيكون لهذا القرار رد فعل عنيف من طرف المسلمين، الذين تجاوز تعدادهم حوالي ستة ملايين في فرنسا، و الذين يعانون من تبعات هذه الهجومات الإرهابية فقط لكونهم مسلمين، رغم عدم تورطهم فيها بل و استنكارهم الشديد لها.
و لم يقتصر قرار وقف التمويل الخارجي على فرنسا فقط، بل انتقل كذلك إلى جارتها إيطاليا، حيث أعلن وزير الداخلية الإيطالي تشكيل وحدة أمنية جديدة لمراقبة تدفق الأموال من البلدان الإسلامية على مساجد البلاد، و أكد كذلك أن بلاده تتعاون مع العديد من الدول، من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، للسيطرة على التدفقات المالية للإرهاب.
وفي نفس الإطار طالب الأمين العام للحزب المسيحي الاجتماعي الألماني، أندرياس شوير، بتبني قانون يمنع التمويل الخارجي للمساجد، من كل الدول الإسلامية بما في ذلك من تركيا والمملكة العربية السعودية، كما شدد كذلك على ضرورة تعليم وتكوين الأئمة في ألمانيا لضمان مشاطرتهم قيم ومبادئ البلاد نفسها.
وتعتبر هذه القرارات التي اتخذتها الكثير من الدول الأوروبية بخصوص وقف التمويل الخارجي، خطوة تهدف لمراقبة أكبر للمساجد، حيث أنها تعتبر أن الهيئات المكلفة بإدارة المساجد عاجزة عن بلورة خطاب ديني معتدل يقف سدا منيعا أمام الخطاب الذي تنشره المجموعات الإرهابية لاستقطاب بعض شباب الضواحي المهشمة وإقناعهم بالانخراط في عمليات إرهابية تحت مسمى الجهاد.
كما أن التمويل الخارجي يساهم في الترويج لعقيدة دينية سلفية تدعو لفكر التطرف وتشرع اللجوء إلى العنف ضد غير المسلمين.
غير أن هذه القرارات ستتسبب في ضغط متزايد على مساجد أوروبا، وأئمتها الذين سيتم تضييق الحصار عليهم، ومراقبة الخطب التي يقومون بإلقائها للتأكد من خلوها من الأفكار الداعية للعنف والتطرف، خصوصا بعدما تم إيقاف عدد كبير منهم بتهمة التشجيع على الإرهاب و نشر الأفكار الجهادية المتطرفة.
وللأسف الشديد، فإن الجالية المسلمة في أوروبا متهمة إعلاميا وسياسيا بكونها البيئة الحاضنة لهذا التطرّف الديني، مما يستدعي منها حاليا اتخاد كل الإجراءات اللازمة لمنع انزلاق بعض شبابها إلى هذه المشاريع الإرهابية.